وقال : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) [التوبة : ٦٧]. وقال : (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) [الحجرات : ٧] وهذه مسألة طويلة مذكورة في علم الكلام.
قوله : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ) فيه أربعة وجوه :
أحدها : أن يكون نعتا ل «الفاسقين».
والثاني : أنّه منصوب على الذّمّ.
والثالث : أنّه مرفوع بالابتداء ، وخبره الجملة من قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ).
والرابع : أنّه خبر لمبتدأ محذوف أي : هم الفاسقون. والعهد (١) في كلامهم على (٢) معان :
منها الوصيّة والضّمان ، والاكتفاء ، والأمر.
و «من بعد» متعلّق ب «ينقضون» ، و «من» لابتداء الغاية ، وقيل : زائدة ، وليس بشيء. والضمير في ميثاقه يجوز أن يعود على العهد ، وأن يعود على اسم الله تعالى ، فهو على الأوّل مصدر مضاف إلى المفعول ، وعلى الثّاني مضاف للفاعل.
و «الميثاق» العهد المؤكّد باليمين مفعال من الوثاقة والمعاهدة ، والجمع : المواثيق على الأصل ؛ لأن أصل ميثاق : موثاق ، صارت «الواو» «ياء» ؛ لانكسار ما قبلها وهو مصدر ك «الميلاد» و «الميعاد» بمعنى الولادة ، والوعد ؛ وقال ابن عطية (٣) : هو اسم في وضع المصدر ؛ كقوله : [الوافر]
٣٣٩ ـ أكفرا بعد ردّ الموت عنّي |
|
وبعد عطائك المائة الرّتاعا (٤) |
أي : إعطائك ، ولا حاجة تدعو إلى ذلك ، والمادة تدلّ على الشّدّ والرّبط ، وجمعه مواثيق ، ومياثق أيضا ، ومياثيق ؛ وأنشد ابن الأعرابيّ : [الطويل]
٣٤٠ ـ حمى لا يحلّ الدّهر إلّا بإذننا |
|
ولا نسأل الأقوام عهد المياثق (٥) |
__________________
(١) في أ : العمل.
(٢) في ب : في.
(٣) ينظر المحرر الوجيز : ١ / ١١٣.
(٤) البيت للقطامي ينظر ديوانه : ص ٣٧ ، وتذكرة النحاة : ص ٤٥٦ ، وخزانة الأدب : ٨ / ١٣٦ ، ١٣٧ ، والدرر : ٣ / ٦٢ ، وشرح التصريح : ٢ / ٦٤ ، وشرح شواهد المغني : ٢ / ٨٤٩ ، وشرح عمدة الحافظ : ص ٦٩٥ ، ولسان العرب (عطا) ، (رهف) ، ومعاهد التنصيص : ١ / ١٧٩ ، والمقاصد النحوية : ٣ / ٥٠٥ ، والأشباه والنظائر : ٢ / ٤١١ ، وأوضح المسالك : ٣ / ٢١١ ، وشرح الأشموني : ٢ / ٣٣٦ ، وشرح شذور الذهب : ص ٥٢٨ ، وشرح ابن عقيل : ص ٤١٤ ، وهمع الهوامع : ١ / ١٨٨ ، ٢ / ٩٥ ، والدر المصون : ١ / ١٦٨.
(٥) البيت لعياض بن درة الطائي ينظر لسان العرب (وثق) ؛ والمقاصد النحوية : ٤ / ٥٣٧ ، ونوادر أبي زيد : ـ