٣٤٧ ـ فلمّا علونا واستوينا عليهم |
|
تركناهم صرعى لنسر وكاسر (١) |
وقيل : ثمّ مضاف محذوف ضميره هو الفاعل ، أي : استوى أمره ، و «إلى السّماء» متعلّق ب «استوى» ، والضمير في «فسوّاهنّ» يعود على السّماء ، إما لأنها جمع «سماوة» كما تقدم ، وإما لأنها اسم جنس يطلق على الجمع.
وقال الزمخشري : «هنّ» ضمير مبهم ، و «سبع سماوات» تفسيره ، كقولهم : «ربّه رجلا» ، وقد رد عليه هذا بأنه ليس من [المواضع التي يفسر فيها الضمير بما بعده ؛ لأن النحويين حصروا ذلك في سبع مواضع](٢) :
ضمير الشأن ، والمجرور ب «رب» ، والمرفوع ب «نعم وبئس» ، وما جرى مجراهما ، وبأول المتنازعين ، والمفسر بخبره ، وبالمبدل منه.
ثم قال هذا المعترض : إلا أن يتخيل فيه أن يكون «سبع سماوات» بدلا ، وهو الذي يقتضيه تشبيهه ب «ربّه رجلا» فإنه ضمير مبهم ليس عائدا على شيء قبله ، لكن هذا يضعف بكون التقدير يجعله غير مرتبط بما قبله ارتباطا كليا ، فيكون أخبرنا بإخبارين :
أحدهما : أنه استوى إلى السماء.
والثاني : أنه سوى سبع سماوات.
وظاهر الكلام أن الذي استوى إليه هو المستوي بعينه.
ومعنى تسويتهنّ : تعديل خلقهن ، وإخلاؤه من العوج ، والفطور وإتمام خلقهن.
قوله : (سَبْعَ سَماواتٍ) في نصبه خمسة أوجه :
أحسنها : أنه بدل من الضمير في «فسوّاهنّ» العائد على «السّماء» كقولك : أخوك مررت به زيد.
الثاني : أنه بدل من الضمير أيضا ، ولكن هذا الضمير يفسره ما بعده ، وهذا يضعف بما ضعف به قول الزمخشري المتقدّم.
الثالث : أنه مفعول به ، والأصل : فسوّى منهن سبع سموات ، وشبهوه بقوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) [الأعراف : ١٥٥] أي : من قومه قاله أبو البقاء وغيره ، وهذا ضعيف لوجهين :
أحدهما : بالنسبة إلى اللفظ.
والثاني : بالنسبة إلى المعنى.
__________________
(١) ينظر البيت في القرطبي : (٣ / ٢٧٨) ، مجمع البيان : (١ / ١٥٧) ، البحر : (١ / ٢٨٠) ، الدر المصون : (١ / ١٧٢).
(٢) سقط في أ.