ولقائل القول الأول أن يجيب عنه بأن هذا نكرة لا معرفة ، وهو من الأسماء اللازمة النصب على المصدرية ، فلا ينصرف والناصب له فعل مقدر لا يجوز إظهاره ، وقد روي عن الكسائيّ أنه جعله منادى تقديره : يا سبحانك ومنعه جمهور النحويين وإضافته ـ هنا ـ إلى المفعول ؛ لأن المعنى : نسبحك نحن.
وقيل : بل إضافته للفاعل ، والمعنى تنزّهت وتباعدت من السّوء.
وسبحانك العامل فيه في محلّ نصب بالقول.
قوله : (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) كقوله : (لا رَيْبَ فِيهِ) و «إلّا» حرف استثناء ، و «ما» موصولة ، و «علمتنا» صلتها ، وعائدها محذوف ، على أن يكون «علم» بمعنى «معلوم» ، ويجوز أن تكون مصدرية ، وهي في محلّ نصب على الاستثناء ، ولا يجوز أن تكون منصوبة بالعلم الذي هو اسم «لا» ؛ لأنه إذا عمل كان معربا.
وقيل : في محلّ رفع على البدل من اسم «لا» على الموضع.
وقال ابن عطية : هو بدل من خبر التبرئة كقولهم : «لا إله إلا الله» ، وفيه نظر ؛ لأن الاستثناء إنّما هو من المحكوم عليه بقيد الحكم لا من المحكوم به.
ونقل هو عن «الزّهراوي» : أن «ما» منصوبة ب «علمتنا» بعدها ، وهذا غير معقول ؛ لأنه كيف ينتصب الموصول بصلته وتعمل فيه؟.
قال أبو حيان : إلّا أن يتكلّف له وجه بعيد ، وهو أن يكون استثناء منقطعا بمعنى لكن ، وتكون «ما» شرطية ، و «علمتنا» ناصب لها ، وهو في محل جزم بها ، والجواب محذوف ، والتقدير : «لكن ما علمتنا علمناه».
قوله : (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).
فصل
الضمير يحتمل ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون تأكيدا لاسم «إنّ» ، فيكون منصوب المحل ، وأن يكون مبتدأ ، وخبره ما بعده ، والجملة خبر «إنّ» ، وأن يكون فصلا ، وفيه الخلاف المشهور.
وهل له محل من الإعراب أم لا؟
وإذا قيل : إن له محلّا ، فهل بإعراب ما قبله كما قال الفراء (١) ، فيكون في محل نصب ، أو بإعراب ما بعده فيكون في محل رفع كقول الكسائي؟
قوله : «الحكيم» خبر ثان أو صفة «العليم» ، وهما «فعيل» بمعنى «فاعل» وفيهما من المبالغة ما ليس فيه.
__________________
(١) ينظر معاني القرآن : ١ / ١٤٨ ، ٢ / ٢٣٨.