٣٧٦ ـ جريء متى يظلم يعاقب بظلمه |
|
سريعا وإلّا يبد بالظّلم يظلم (١) |
لأن أصله : «يبدأ» بالهمزة ، فكذلك هذه الآية أبدلت الهمزة ياء ، ثم حذفت حملا للأمر على المجزوم.
وقرىء : «أنبيهم» (٢) بإثبات «الياء» نظرا إلى «الهمزة» وهل تضم «الهاء» نظرا للأصل أم تكسر نظرا للصورة؟
وجهان منقولان عن «حمزة» عند الوقف عليه.
و «بأسمائهم» : متعلّق ب «أنبئهم» ، وهو المفعول الثاني كما تقدّم ، وقد يتعدّى ب «عن» نحو : «أنبأته عن حاله» ، وأما تعديته ب «من» في قوله : (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ) [التوبة : ٩٤] فسيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.
قوله : (فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ : أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
والمراد من هذا الغيب أنه كان عالما بأحوال آدم قبل نطقه ، وهذا يدل على أنه سبحانه يعلم الأشياء قبل حدوثها ، وذلك يدلّ على بطلان مذهب «هشام بن الحكم» في أنه لا يعلم الأشياء إلّا عند وقوعها ، فإن قيل : قوله : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) يدلّ على أنّ العبد قد يعلم الغيب ؛ لأن الإيمان بالشّيء فرع العلم به ، وهذا الآية مشعرة بأن علم الغيب ليس إلّا لله تعالى ، وأن كل من سواه فهم خالون عن علم الغيب.
والجواب : ما تقدم في قوله : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) [البقرة : ٣].
قوله : (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ) «قال» جواب «فلما» ، والهمزة للتقرير إذا دخلت على نفي قررته ، فيصير إثباتا كقوله : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ) [الشرح : ١] أي : قد شرحنا.
و «لم» حرف جزم ، و «أقل» : مجزوم بها حذفت عينه ، وهي «الواو» لالتقاء الساكنين ، و «لكم» متعلّق به ، و «اللام» للتبليغ ، والجملة من قوله : «إنّي أعلم» في محلّ نصب بالقول.
وقد تقدم نظائر هذا التركيب.
قوله : (وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ) كقوله (أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) من كون «أعلم» فعلا مضارعا ، و «أفعل» بمعنى «فاعل» أو «أفعل» تفضيل ، وكون ما في محلّ نصب أو جر ، وقد تقدم.
__________________
(١) ينظر ديوانه : ص ٢٤ ، وخزانة الأدب : ٣ / ١٧ ، ٧ / ١٣ ، والدرر : ١ / ١٦٥ ، وسر صناعة الإعراب : ٢ / ٧٣٩ ، وشرح شواهد الشافية : ص ١٠ ، وشرح شواهد المغني : ١ / ٣٨٥ ، والممتع في التصريف : ١ / ٣٨١ ، ٢ / ٤٥٨ ، وشرح شافية ابن الحاجب : ١ / ٢٦ ، والمقرب : ١ / ٥٠ ، وهمع الهوامع : ١ / ٥٢ ، الدر المصون : ١ / ١٨٤.
(٢) قرأ بها ابن أبي عبلة ، انظر الشواذ : ٤ ، والبحر المحيط : ١ / ٢٩٨ ، والدر المصون : ١ / ١٨٥.