وكان الحسن يعمل عقله وفكره في فهم القرآن وتفسيره. يقول في قوله تعالى : (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) :
«إن الله لم يجعل لأهل النار مدة ، بل قال لابثين فيها أحقابا ، فو الله ما هو إلا أنه إذا مضى حقب دخل آخر ثم آخر إلى الأبد فليس للأحقاب عدة إلا الخلود» (١).
وتوفي رحمهالله سنة عشر ومائة من الهجرة عن ثمان وثمانين سنة.
٥ ـ قتادة :
هو : قتادة بن دعامة السدوسي ، الأكمه ، أبو الخطاب ، عربي الأصل ، كان يسكن البصرة.
أحد علماء التابعين ، والأئمة العاملين ، روى عن أنس بن مالك وجماعة من التابعين منهم : سعيد بن المسيب ، وأبو العالية ، وزرارة بن أوفى ، وعطاء ، ومجاهد ، وابن سيرين ، ومسروق ، وأبو مجلز وغيرهم (٢).
وحدث عنه جماعات من الكبار كالأعمش ، وشعبة ، والأوزاعي ، وغيرهم.
وكان قوي الحافظة ، واسع الاطلاع في الشعر العربي ، بصيرا بأيام العرب.
كان قتادة على مبلغ عظيم من العلم فضلا عما اشتهر به من معرفته لتفسير كتاب الله تعالى ؛ وقد شهد له بذلك كبار التابعين والعلماء.
قال فيه سعيد بن المسيب : «ما أتاني عراقي أحسن من قتادة».
وقد استخدم قتادة معرفته باللغة العربية في التفسير ، وأعمل فكره في تفهم الآيات ، بجانب روايته عن السلف.
وقد توفي رضي الله عنه سنة سبع عشرة ومائة من الهجرة عن ست وخمسين سنة على المشهور. وقيل سنة خمس عشرة ومائة (٣).
وبعد ...
فهذه هي مدارس التفسير المشهورة في عصر التابعين ، الذين تلقوا غالب أقوالهم في التفسير عن الصحابة ، وبعضهم استعان بأهل الكتاب ، ثم اجتهدوا مستعينين على ذلك بما بلغوا من العلم ودقة الفهم ، وقرب عهدهم من الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والعرب الخلص ، فلم تفسد سليقتهم ...
وهناك مدارس أخرى غير هذه المدارس الثلاث ، ولكنها لم ترق لشهرة هذه الثلاث.
ومن هذه : مدرسة مصر التي اشتهر من شيوخها :
__________________
(١) البغوي الفراء ٢٢٢.
(٢) وفيات الأعيان ٢ / ١٧٩ ، البداية والنهاية ٩ / ٣٢٦ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٣٥١.
(٣) راجع : تهذيب التهذيب ٨ / ٣٥١ ـ ٣٥٦ ، البداية والنهاية ٩ / ٣٢٥ ، ٣٢٦.