وقال ابن سيرين :
قدمت الكوفة وللشعبي حلقة ، وأصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يومئذ كثير (١).
ومع أنه قد أوتي هذا الحظ الوافر من العلم لم يكن جريئا على كتاب الله حتى يقول فيه برأيه. قال ابن عطية (٢) :
كان جلة من السلف كسعيد بن المسيب ، وعامر الشعبي يعظمون تفسير القرآن ، ويتوقفون عنه تورّعا واحتياطا لأنفسهم ، مع إدراكهم وتقدمهم.
توفي سنة أربع ومائة من الهجرة (٣) ، وقيل سنة تسع ومائة.
٤ ـ الحسن البصري :
هو : الحسن بن أبي الحسن يسار البصري ، أبو سعيد ، مولى الأنصار. وأمه خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، ربي في حجرها وأرضعته بلبانها ، فعادت عليه بركة النبوة (٤).
ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب.
وهو أحد كبار التابعين الأجلاء علما وعملا وإخلاصا ، شهد له بالعلم خلق كثير.
قال أنس بن مالك :
«سلوا الحسن فإنه حفظ ونسينا» وقال سليمان التيمي : «الحسن شيخ أهل البصرة». وروى أبو عوانة عن قتادة أنه قال :
«ما جالست فقيها قط إلا رأيت فضل الحسن عليه».
وكان أبو جعفر الباقر يقول عنه : «ذلك الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء» (٥).
وقد التزم الحسن البصري بمنهجه السلفي في تفسير الآيات المتعلقة بالله وصفاته ، ولم يمنعه هذا الالتزام من حرية العقل حين تعرض لغيرها ، يقول في تفسير قوله تعالى : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) قدر الله لكل شيء من خلقه قدره الذي ينبغي له ، وهذه هي عقيدة السلف التي بنوها على ما يتعلق بالآية من سبب نزولها ، فعن أبي هريرة قال :
جاءت مشركو قريش إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يخاصمونه في القدر ، فنزلت هذه الآية (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ)(٦).
__________________
(١) راجع لهذه الأقوال : تهذيب التهذيب ، البداية والنهاية ، والتفسير والمفسرون.
(٢) مقدمة تفسير القرطبي ١ / ٣٤.
(٣) البداية والنهاية ٩ / ٢٣٩.
(٤) تهذيب التهذيب ٢ / ٢٦٣ ـ ٢٧٠ ، البداية والنهاية ٩ / ٢٨٠ ، الحسن البصري للإمام أبي الفرج بن الجوزي ـ هدية مجلة الأزهر / محرم ١٤٠٨ ه.
(٥) تهذيب التهذيب ٢ / ٢٦٣.
(٦) البغوي الفراء ٢٢١.