وركب عمر (١) ـ رضي الله تعالى عنه ـ برذونا ، فطفق يتبختر ؛ فجعل يضربه ، فلا يزداد إلا تبخترا ؛ فنزل عنه ، وقال : «ما حملتموني إلّا على شيطان» (٢).
وقد يطلق على كلّ قوة ذميمة في الإنسان ؛ قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «الحسد شيطان ، والغضب شيطان» (٣) ؛ وذلك لأنّهما ينشآن عنه.
واختلف أهل اللّغة في اشتقاقه :
فقال جمهورهم : هو مشتقّ من : «شطن ـ يشطن» أي : بعد ؛ لأنه بعيد من رحمة الله تعالى ؛ وأنشد : [الوافر]
٣ ـ نأت بسعاد عنك نوى شطون |
|
فبانت والفؤاد بها رهين (٤) |
__________________
(١) عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى العدوي ، أبو حفص المدني ، أحد فقهاء الصحابة ، ثاني الخلفاء الراشدين ، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأول من سمي «أمير المؤمنين» شهد بدرا ، والمشاهد إلا تبوك ، وولي أمر الأمة بعد أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ ، وفتح في أيامه عدة أمصار ، أسلم بعد أربعين رجلا ، عن ابن عمر مرفوعا : «إن الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه» ، ولما دفن قال ابن مسعود : ذهب اليوم بتسعة أعشار العلم. استشهد في آخر سنة ثلاث وعشرين ، ودفن في أول سنة أربع وعشرين ، وهو ابن ثلاث وستين ، وصلى عليه صهيب ، ودفن في الحجرة النبوية ، ومناقبه جمّة.
ينظر ترجمته في : تهذيب التهذيب : ٧ / ٤٣٨ (٧٢٤) ، وتقريب التهذيب : ٢ / ٥٤ ، وخلاصة تهذيب الكمال : ٢ / ٢٦٨ ، والكاشف : ٣٠٩ ، وتاريخ البخاري الكبير : ٦ / ١٣٨ ، وتاريخ البخاري الصغير : ٢ / ٢٣٦ ، والجرح والتعديل : ٥ / ١٠٠ ، وأسد الغابة : ٤ / ١٤٥ ، والرياض المستطابة : ١٤٧ ، والاستيعاب : ٣ / ١١٤٤ ، وتجريد أسماء الصحابة : ١ / ٣٨ ، ٥٥ ، وطبقات ابن سعد : ٩ / ١٤١ ، وطبقات الحفاظ : ٦٢٨.
(٢) ذكره الطبري في التفسير : ١ / ١١١ ، والفخر الرازي : ١ / ٦٤ ، وابن كثير في التفسير : ١ / ١٦ ، ٣٢ من رواية ابن وهب بهذا الإسناد ، وقال : إسناده صحيح ، وذكر الطبري في التاريخ : ٤ / ١٦٠ نحو معناه بسياق آخر ، بدون إسناد.
(٣) أخرج الشطر الثاني منه أبو داود (٢ / ٢٨٧) من حديث عروة بن محمد ثني أبي عن جدي مرفوعا ، وأخرجه من حديث معاوية أبو نعيم في «الحلية» (٢ / ١٣٠) بلفظ : الغضب من الشيطان ، والحديث ذكره العجلوني في «كشف الخفاء» : ٢ / ١٠٣ بلفظ : «الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الصّبر العسل» وعزاه للطبراني في الكبير ، والبيهقي في «شعب الإيمان» بسند ضعيف من رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حيدة مرفوعا ، وفي لفظ الطبراني وأبي الشيخ عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده بلفظ : «الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل» لكن له شواهد منها : ما رواه الترمذي بسند ضعيف أيضا عن أبي سعيد الخدري رفعه : «الغضب جمرة في قلب ابن آدم» ، ومنها ما رواه أبو داود عن عطية السعدي رفعه : «إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار» ، ورواه أبو نعيم بسند ضعيف عن معاوية بلفظ : «الغضب من الشيطان والشيطان خلق من النار» ، ومنها : ما رواه أبو الشيخ عن أبي سعيد بلفظ : «الغضب من الشيطان ، فإذا وجده أحدكم قائما ، فليجلس ، وإن وجده جالسا ، فليضطجع» اه.
(٤) البيت للنابغة الذبياني : ينظر : ديوانه (٢٠) ، والطبري : ١ / ٧٦ ، واللسان : «شطن» ، والمحرر الوجيز: ١ / ٥٩ ، والدر المصون : ١ / ٤٨.