الذي ذكره الأصحاب غير معروف في كلامهم عليهمالسلام ، وحينئذ فالأظهر حمله على بعض المعاني المروية عنهم عليهمالسلام في تفسيرها.
أقول : وأشار بالمعنى المذكور لها بين الأصحاب إلى ما قالوه من أنّها التخلق بخلق أمثاله في زمانه ومكانه ، فالأكل في السوق والشرب فيها لغير سوقي إلاّ إذا غلبه العطش ، والمشي مكشوف الرأس بين الناس ، وكثرة السخرية والحكايات المضحكة ، ولبس الفقيه لباس الجندي وغيره ممّا لا يعتاد لمثله بحيث يسخر منه ، وبالعكس ، ونحو ذلك ، يسقطها عندهم.
وبالمعاني المروية عنهم عليهمالسلام إلى ما في بعض النصوص من أنّها إصلاح المعيشة (١). وما في بعض آخر منها من أنّها ستّة ، ثلاثة منها في الحضر وهي : تلاوة القرآن ، وعمارة المساجد واتخاذ الإخوان. ومثلها في السفر ، وهي : بذل الزاد ، وحسن الخلق ، والمزاح في غير معاصي الله سبحانه (٢).
وما في ثالث من أنّها أن يضع الرجل خوانه بفناء داره (٣). إلى غير ذلك. وليس في شيء من هذه المعاني المروية ما يوافق ما ذكره الأصحاب في معنى المروءة ، ولا كونها معتبراً في العدالة بالكلية.
نعم ربما يشعر به بعض الروايات ، منها : « من عامل الناس فلم يظلمهم ، وحدّثهم فلم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم ، فهو ممن كملت مروءته ، وظهرت عدالته ، ووجبت اخوّته ، وحرمت غيبته » (٤).
__________________
(١) معاني الأخبار : ٢٥٨ / ٥ ، الوسائل ١١ : ٤٣٥ أبواب آداب السفر ب ٤٩ ح ٩.
(٢) عيون الأخبار ٢ : ٢٦ / ١٣ ، الخصال : ٣٢٤ / ١١ ، الوسائل ١١ : ٤٣٦ أبواب آداب السفر ب ٤٩ ح ١٤.
(٣) معاني الأخبار : ٢٥٨ / ٩ ، الوسائل ١١ : ٤٣٦ أبواب آداب السفر ب ٤٩ ح ١٣.
(٤) الخصال : ٢٠٨ / ٢٨ ، عيون الأخبار ٢ : ٢٩ / ٣٤ ، الوسائل ٢٧ : ٣٩٦ كتاب الشهادات ب ٤١ ح ١٥.