ظاهر الآية والأخبار : الثاني ، إلاّ أنّ إطباق المتأخرين على الأوّل يرجّحه ، سيّما مع ما يظهر منهم من عدم الخلاف فيه ، وأنّ محله إنّما هو أصل الوجوب ، لا كونه عينياً أو كفائياً ؛ ولذا لم ينقلوا في كفائيته خلافاً عدا من مرّ.
نعم ربما يتوهم من عبارة الماتن في الشرائع والفاضل في التحرير والقواعد (١) وقوع الخلاف في الكفائية أيضاً ؛ حيث إنّهما حكما بها هنا من غير دعوى إجماع ، وادعوه عليها في الأداء.
وهو ضعيف جدّاً ؛ لظهور عبارتهما في رجوع دعواهما الإجماع في الأداء إلى مطلق الوجوب ، دون خصوصية كفائيته ، ومقتضاها حينئذ عدم الإجماع على الوجوب هنا ، لا على عدم كفائيته ، هذا.
وربما يرشد إلى الكفاية هنا سياق الأخبار ، حيث جعلوا الوجوب فيه مقابلاً للوجوب في الأداء ، وهو فيه على الكفاية في الجملة أو مطلقاً ، فليكن هنا كذلك أيضاً.
مضافاً إلى فحوى الخطاب المستفاد من الحكم بكفائية وجوب الأداء ؛ فإنّ كفائيته مع الاتفاق على وجوبه يستلزم كفائية الوجوب هنا ، لأضعفيته منه ، نظراً إلى وقوع الخلاف في أصله ، دونه ، فتأمّل جدّاً.
( و ) على القولين ( يتعين ) التحمّل على من دعي إليه ( مع عدم من يقوم بالتحمّل ) بلا إشكال ولا خلاف إلاّ من الحلّي ، وقد مرّ ضعفه.
( و ) اعلم أنّه ظهر مما مرّ من اشتراط العلم في الشهادة أنّه ( لا ) يجوز أن ( يشهد ) الشاهد على أحد ولا له ( إلاّ مع المعرفة ) بما يشهد عليه من شخصه أو نسبه.
وإنّما أعاده هنا مع معلوميته سابقاً تنبيهاً على عدم انحصار مستندها
__________________
(١) الشرائع ٤ : ١٣٨ ، التحرير ٢ : ٢١٣ ، القواعد ٢ : ٢٤٠.