الصنائع منافاة للمروءة من غير جهة نفس الصنعة من حيث هي ، كأن يكون من أهل تلك الصنعة ، أو لم يُلَم مثله وأمثاله بارتكابها في العادة ، وأمّا مع الملامة له فيها ، بأن كان من أهل بيت الشرف الذي لا يناسب حاله تلك الصنعة ، فارتكبها بحيث يلام ، فيأتي عدم قبول شهادته حينئذ على القول باعتبار المروءة ، وعدم القبول من هذه الجهة غير عدم القبول من حيث ارتكاب الصنعة من حيث إنّها صنعة ، كما قاله بعض العامّة ، من حيث توهّمه تضمّنها من حيث هي هي خلاف المروءة.
وبالجملة : الحيثيات في جميع الأُمور معتبرة ، وعلى ما ذكرنا ينزّل إطلاق نحو العبارة ممن اعتبر المروءة في قبول الشهادة.
( الثاني : في ) بيان ( ما به يصير شاهداً ).
( وضابطه العلم ) واليقين العادي ، بلا خلاف إلاّ فيما استثني ؛ لقوله سبحانه ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (١) وقال عزّ من قائل ( إِلاّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (٢).
وفي النبوي وقد سئل عن الشهادة ـ : « هل ترى الشمس؟ » فقال : نعم ، فقال : « على مثلها فاشهد أو دع » (٣).
وفي الخبر : « لا تشهدنّ بشهادة حتى تعرفها كما تعرف كفّك » (٤).
وفي آخر : « لا تشهد بشهادة لا تذكرها ، فإنّه من شاء كتب كتاباً
__________________
(١) الإسراء : ٣٦.
(٢) الزخرف : ٨٦.
(٣) الشرائع ٤ : ١٣٢ ، الوسائل ٢٧ : ٣٤٢ كتاب الشهادات ب ٢٠ ح ٣.
(٤) الكافي ٧ : ٣٨٣ / ٣ ، الفقيه ٣ : ٤٢ / ١٤٣ ، التهذيب ٦ : ٢٥٩ / ٦٨٢ ، الوسائل ٢٧ : ٣٤١ كتاب الشهادات ب ٢٠ ح ١.