وأيضاً فدعواهما الوفاق على كفائية الوجوب بعد اعترافهما بمعنوية النزاع ، وظهور العينية مطلقاً مع الاستدعاء من الشيخ وموافقيه ليس في محله ، بل الظاهر كون العينية مطلقاً حيث قالوا به ليس محل وفاق ، بل محل نزاع كما اعترفا به ، وحينئذ يتقوى مختارهم كما تقدم.
وأيضاً ظاهر عبارتهما التي حكيناها أنّ أثر معنوية النزاع إنّما يظهر في عينية الوجوب مطلقاً مع الاستدعاء وكفائيته مع عدمه ، مع أنّهما ذكرا في تحرير محل النزاع ما ظاهره كون أثره إنّما هو أصل الوجوب مع عدم الاستدعاء ، حيث قالا بعد الحكم بكفائية الوجوب مطلقاً ـ : والمشهور عدم الفرق في الوجوب بين من استدعي وغيره ؛ لعموم الأدلة إلى أن قالا ـ : وذهب جماعة منهم الشيخ وابن الجنيد وأبو الصلاح إلى عدم الوجوب إلاّ مع الاستدعاء ؛ لصحيحة محمّد بن مسلم. ثم ساقا جملة من الأخبار المطلقة.
وعبارتهما هذه كالنص بل نص في أنّ الشيخ ومن بعده لم يقولوا بالوجوب في صورة عدم الاستدعاء بالكلية ولو كفايةً ، وهذا مع منافاته لعبارتهما المتقدمة منافٍ لما نسبه إليهم الفاضل والشهيد كما عرفته ، وعرفت أنّ الحقّ معهما.
( ويكره أن يشهد ) المؤمن ( لمخالف ) له في المذهب ( إذا خشي أنّه لو استدعاه إلى الحاكم ) ليشهد له ( يردّ شهادته ) فيكون قد أذلّ نفسه ، كما في المرسل : قلت له : إن شريكاً يردّ شهادتنا ، قال : فقال : « لا تذلّوا أنفسكم » (١).
__________________
(١) التهذيب ٦ : ٢٨٣ / ٧٧٩ ، الوسائل ٢٧ : ٤١٢ كتاب الشهادات ب ٥٣ ح ١.