وقصور سنده بل ضعفه يمنع عن العمل به ، سيّما وأن يخصَّص به عموم أدلة وجوب إقامة الشهادة من الكتاب والسنّة ، ولذا أنّ في التحرير نسب الحكم إلى الرواية (١) ، مشعراً بتردّده فيه.
وحمله الصدوق في الفقيه على كراهية التحمّل دون الأداء (٢).
ونحوه الحلّي ، فقال : وفقه هذه الرواية أنّه إنّما يكره أن يتحمّل له شهادةً ابتداءً ، فأمّا إن تحمّلها فالواجب عليه أداؤها وإقامتها إذا دعي [ إلى ] ذلك عند من دعي إلى إقامتها عنده ، سواء ردّها أو لم يردّها ، قبلها أو لم يقبلها ، بغير خلاف ؛ لقوله تعالى ( وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ) (٣) (٤) انتهى.
وظاهرهما عدم الاستشكال في جواز ترك التحمّل ، وهو مشكل جدّاً ؛ لتساوي الأداء معه في الأدلة الدالة على وجوبهما من الكتاب والسنّة ، وعدم قابلية الرواية لتخصيصها ، اللهم إلاّ أن يكون إجماعاً ، أو يريدا بترك التحمّل إخفاء نفسه عن المخالف لئلاّ يشهده ، لا تركه عند إشهاده.
وممّا ذكرنا ظهر ما في عمل الماتن بالرواية وحكمه بكراهة الشهادة مطلقاً ولو خيف من فوت الحقّ بتركها ، إلاّ أن يوجّه بأنّ إقامة الشهادة حينئذ يتضمن إذلال المؤمن نفسه بلا شبهة ، وصرّحت به الرواية ، وهو لا يقصر عن الضرر الذي أُبيح لأجله ترك الشهادة مطلقاً اتفاقاً فتوًى وروايةً ، ولا بأس به ، وإن كان الأحوط الشهادة ، سيّما في صورة اليقين
__________________
(١) التحرير ٢ : ٢١٣.
(٢) الفقيه ٣ : ٤٤.
(٣) البقرة : ٢٨٣.
(٤) السرائر ٢ : ١٣٠ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر لاستقامة العبارة.