وغيره بغير مفروض المسألة ، وهو تساوي الخصوم في الإسلام أو الكفر أيضاً ، على بعد فيه خاصة ، مع أنّ شرف الإسلام يقتضي ذلك.
ولا يجب التسوية بينهم مطلقاً في الميل القلبي ، بلا خلاف فيه ، ولا في استحبابها بقدر الإمكان.
( الثانية : لا يجوز ) للحاكم ( أن يلقّن أحد الخصمين ) ويعلّمه ( شيئاً يستظهر به على خصمه ) كأن يدّعي بطريق الاحتمال فيلقنه الدعوى بالجزم حتى تسمع دعواه ، أو ادّعي عليه قرض وأراد الجواب بالوفاء فيعلّمه الإنكار لئلاّ يلزمه البيّنة بالاعتراف ، أو نحو ذلك ، بلا خلاف فيه على الظاهر.
قالوا : لأنّه منصوب لقطع المنازعة لا لفتح بابها ، فتجويزه ينافي الحكمة الباعثة لنصبه.
قيل : نعم لا بأس بالاستفسار والتحقيق وإن أدّى بالأخرة إلى تلقين صحة الدعوى (١).
وزاد بعض متأخري المتأخرين فقال : بل لا يبعد جواز الأوّل أيضاً إذا كان المدّعى جاهلاً لا يعرف التحرير والقاضي علم بالحال ، وما ذكروه لا يصلح دليلاً للتحريم مطلقاً ؛ إذ فتح باب المنازعة الحقيقية التي تصير سبباً لعدم إبطال حقوق الناس ما نعرف فساده ، إلاّ أن يكون لهم دليل آخر من إجماع وغيره (٢). انتهى.
وهو حسن إلاّ أنّ فرض علم القاضي بحقيقة الحال لا يتصور معه فتح باب المنازعة بناءً على ما مرّ من جواز القضاء بالعلم ، بل لا يحتاج
__________________
(١) قاله الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣٦٥.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان ١٢ : ٥٤.