قالوا : وخواصّه أنّ الحكم فيه لا ينقض بالاجتهاد ، وصيرورته أصلاً ينفذه غيره من القضاة وإن خالف اجتهاده ما لم يخالف دليلاً قطعياً. وله ولاية على كل مولّى عليه مع فقد وليّه ، ومع وجوده في مواضع خاصّة. ويلزم به حكم البيّنة (١) من شهدت عليه والشهود ، أمّا من شهدت عليه فبإلزامه الحق ، وأمّا الشهود فبتغريمهم إيّاه لو رجعوا عن الشهادة.
وهو من فروض الكفاية بلا خلافٍ ، فيه بينهم أجده ؛ لتوقف نظام النوع الإنساني عليه ، ولأنّ الظلم من شيم النفوس ، فلا بُدّ من حاكم ينتصف من الظالم للمظلوم ، ولما يترتب عليه من النهي عن المنكر والأمر بالمعروف.
والأصل فيه مع ذلك الكتاب ، والسنّة ، وإجماع الأُمّة المحكي في كلام جماعة (٢) ، قال سبحانه ( يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ، فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ ) (٣).
وقال تعالى ( إِنّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أَراكَ اللهُ ) (٤).
وفي النبوي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ الله تعالى لا يقدس امّةً ليس فيهم من يأخذ للضعيف حقه » (٥).
ولعظم فائدته تولاّه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن قبله من الأنبياء بأنفسهم لُامّتهم ، ومن بعدهم من خلفائهم.
__________________
(١) ليس في « ب ».
(٢) انظر إيضاح الفوائد ٤ : ٢٩٤ ، والتنقيح الرائع ٤ : ٢٣١ ، والمسالك ٢ : ٣٥١.
(٣) ص : ٢٦.
(٤) النساء : ١٠٥.
(٥) عوالي اللئلئ ٣ : ٥١٥ / ٥ ، كنز العمّال ٦ : ٩٩ / ١٥٠١٥.