بعد تقييدات أُخر في الخبر ليس لشيء منها فيه عين ولا أثر.
ومع ذلك لا احتياج لتكلفاته في حمل يخلط على معنى خلط ؛ لعدم منافاته الحمل المزبور من حيث كون متعلقه طلب الخلط بمال المدفوع إليه خاصّة دون مال أولئك الجماعة ، ومبنى الحمل على المزج بأموالهم دون مال المدفوع إليه خاصّة ، ولذا حكم بضمانهم ما أخذوه.
ولكن الأمر سهل بعد ما عرفت من قصور السند والمخالفة للأصل ، مع اتفاقهم على الظاهر على عدم العمل بها ، وإن كان الظاهر منهم عدم المناقشة فيها من حيث السند ؛ لنسبتهم إيّاها إلى حريز خاصّة عن أبي عبيدة معربين عن صحته إليه ، ولعلهم أخذوها من كتابه فتكون صحيحة ، ولكن يكفي في ردّها عدم عملهم بها ، مع كونها للأُصول مخالفة.
( الرابعة : لو وضع المستأجر الأُجرة على يد أمين ) له ( فتلفت كان المستأجر ضامناً ) يجب عليه غرامتها للأجير ( إلاّ أن يكون الأجير دعاه إلى ذلك ) ورخّصه في دفعها إلى الأمين ( فحقّه ) حينئذ ( حيث وضعه ) لأنّه
ـــــــــــــــــ
هو محل البحث. وأمّا الحكم برجوع الغارم إلى الباقين بجميع ما غرمه ، فلأنّه لا داعي له ولا موجب له بالكليّة غير تصرّفهم في ملك الدافع ، وهو ليس إلاّ الباقي بعد التلف بالنسبة ، فلو كان مال الدافع عشرة مثلاً ومال الباقين تسعين ، وتلف من المجموع الممزوج بعضها ببعض البالغ مائة ، عشرة يكون التالف موزّعاً على كل منهم بنسبة ماله ، فلو كانوا عشرة لزم كل واحد منهم النقص بواحد ، فبموجب ذلك يكون النقص على الدافع واحداً يأخذه من المدفوع إليه بضمانه ، ويبقى من ماله تسعة فتكون هي التي أخذها الباقون ووجب عليهم ضمانها ، ولا موجب لضمانهم العاشر الذي غرمه الدافع أيضاً ؛ لعدم أخذهم إيّاه ، وإنّما يضمن المدفوع إليه خاصّة للدافع لمكان تفريطه ، فسبب الضمان فيه مختص به دونهم ، ولا وجه لضمانهم بعد فرض أن سبب ضمانهم هو الأخذ ، فإنّهم لم يأخذوه ، بل أخذوا التسعة لا غير منه رحمهالله.