فرّط فيه بالخلط فضمنه ، وأصحاب الأموال الباقية خلط أموالهم بإذنهم ، والأوّل خلط ماله في أموالهم بغير إذنه ، فيجب عليه الضمان للأوّل جميع ماله ، فلمّا أخذ أصحاب الأموال الذين أذنوا في الخلط ورضوا به أموالهم على التمام والكمال ، فقد أخذوا ما لم يكن لهم ، بل الواجب تسليم مال من لم يأذن بالخلط [ على الكمال ، ويدخل النقصان والخسران على الباقين ، فلمّا أخذوا المال رجع صاحب المال الذي لم يأذن بالخلط (١) ] على المضارب المفرّط بالخلط بجميع ماله ، ورجع المضارب على من أخذ المال بقدر ما غرم.
وقوله في الخبر : يخلطها بماله ويتجر بها ، المعنى فيه : خلطها بماله واتّجر بها ، وإن كان أتى به بلفظ المستقبل ، فقد يأتي المستقبل بمعنى الماضي ، وهذا كثير في كلام العرب والقرآن ، قال الله تعالى ( وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ ) (٢) معناه : ينادي ، قال الشاعر :
وانضح جوانب
قبره بدمائها |
|
فلقد يكون أخادم
وذبائح (٣) |
معناه : فلقد كان ، بغير شك (٤). انتهى.
وفي استشهاده بالآية وحكمه كباقي الجماعة برجوع الغارم إلى الباقين بجميع ما غرمه مناقشة واضحة (٥). مع عدم تمامية الحمل المزبور إلاّ
__________________
(١) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
(٢) الأعراف : ٤٨.
(٣) بيت من قصيدة لزياد بن سليمان الأعجم يرثي بها المغيرة بن المهلّب. الأغاني ١٥ : ٣٨١.
(٤) السرائر ٢ : ١٨٦.
(٥) أمّا في الاستشهاد بالآية فلأنّ الذي فيها الماضي بدل المستقبل ، لا بالعكس كما