وهذه النصوص مع اعتبار أسانيدها جملة وحجية بعضها ظاهرة الدلالة على الوجوب ، كما هو الأظهر الأشهر بين متأخري الطائفة ، وفاقاً للصدوقين (١) ، بل حكى عليه الشهرة المطلقة في المسالك والروضة (٢) ، فهي أيضاً لقصور النصوص أو ضعفها لو كان جابرة.
خلافاً للديلمي والحلّي والفاضل في المختلف (٣) ، فحكموا بالاستحباب فيما عدا العدل في الحكم ؛ للأصل ، وضعف النصوص سنداً ودلالة.
وفي الجميع نظر يظهر وجهه بالتدبر فيما مرّ.
ثم إنّ الحكم بوجوب التسوية أو استحبابها مشروط بما إذا تساوى الخصوم في الكفر والإسلام.
( ولو كان أحد الخصمين ) مسلماً والآخر ( كافراً جاز أن يكون الكافر قائماً والمسلم قاعداً ، أو أعلى منزلاً ) قولاً واحداً ، كما جلس علي عليهالسلام بجنب شريح في خصومة له مع يهودي (٤).
وهل تجب التسوية بينهما فيما عدا ذلك؟ ظاهر العبارة وما ضاهاها من عبائر الجماعة ذلك (٥).
ويحتمل قوياً تعدّيه إلى غيره من وجوه الإكرام ، وفاقاً للشهيد الثاني (٦) ؛ للأصل ، واختصاص النصوص الموجبة للتسوية بحكم التبادر
__________________
(١) الصدوق في الفقيه ٣ : ٨ ، وحكاه عن والده في المختلف : ٧٠٠.
(٢) المسالك ٢ : ٣٦٥ ، الروضة ٣ : ٧٢.
(٣) المراسم : ٢٣٠ ، السرائر ٢ : ١٥٧ ، المختلف : ٧٠١.
(٤) الغارات ١ : ١٢٤ ، المستدرك ١٧ : ٣٥٩ أبواب آداب القاضي ب ١١ ح ٥.
(٥) كالمحقق في الشرائع ٤ : ٨٠ ، والعلاّمة في القواعد ٢ : ٢٠٤ ، والشهيد في اللمعة ( الروضة البهية ٣ ) : ٧٣.
(٦) الروضة ٣ : ٧٣.