في العلم الحقيقي ، بل يجوز استنادها إليه ( أو ) إلى ( شهادة عدلين بالمعرفة ) فيعرّفانه ما يريد الشهادة عليه من شخص المشهود عليه أو نسبه ويكون شاهد أصل لا فرعاً ، ومحصّله كفاية العلم الشرعي في الشهادة.
وهي وإن خالفت الأصل ؛ لوجوب حمل العلم الوارد في النص والفتوى اعتباره في صحة الشهادة على معناه الحقيقي عرفاً ولغةً ، وهو ما لا يحتمل النقيض أصلاً ، ولعلّه لهذا يظهر من الكفاية في بحث شهادة الأعمى التأمّل فيه ، حيث قال : قالوا والأعمى إذا انضمّ إلى سماعة معرّفان يشهدان على العاقد جاز له الشهادة عليه (١). انتهى.
إلاّ أنّه لا خلاف بين الأصحاب فيما أعلم في اعتبارهم العلم الشرعي المستند إلى شهادة العدلين أيضاً ، بل ظاهر السرائر الإجماع عليه ، فإنّه قال : فإذا حضر الشاهد فلا يجوز له أن يشهد إلاّ على من يعرفه ، فإن أراد أن يشهد على من لا يعرفه فليشهد بتعريف من يثق إلى ديانته من رجلين عدلين عند أصحابنا ، فأمّا الواحد والنساء فلا يشهد بتعريفه ولا تعريفهن ؛ لأنّه لا دليل على ذلك (٢).
وظاهره كما ترى أنّ المستند في الجواز هنا إنّما هو فتوى الأصحاب ؛ إذ لم يذكر دليلاً آخر ، وفتواهم عنده لا يكون حجّة إلاّ مع بلوغها درجة الإجماع كما يستفاد من الجمع المضاف في كلامه المفيد للعموم لغة ، كما تشعر به أيضاً عبارة الكفاية المتقدّمة ، بل لعلّها فيه ظاهرة.
وقد ذكر جماعة من الأصحاب منهم الحلّي في السرائر والفاضل في التحرير وغيره (٣) أنّه حيثما استند شهادته إلى شهادتهما لا يذكرهم مطلقة ،
__________________
(١) الكفاية : ٢٨٤.
(٢) السرائر ٢ : ١٢٦.
(٣) السرائر ٢ : ١٢٦ ، التحرير ٢ : ٢١١ ؛ وانظر القواعد ٢ : ٢٣٩.