أسمعك تقول له شيئاً حتى كأنّه مؤدّبك ، فضحك القوم من الاعرابي وصاحوا به : ويحك يا أعرابي سل واوجز . قال الاعرابي :
فديتك يا حسن ، إنّي خرجت حاجّاً محرماً فوردت على أدحى فيه بيض نعام ، فشويته وأكلته عامداً وناسياً . قال الحسن (
عليه السلام ) : « زدت في القول يا أعرابي قولك عامداً ، لم يكن هذا من مسألتك ، هذا عبث » . قال الاعرابي :
صدقت ما كنت إلّا ناسياً ، فقال له الحسن ( عليه السلام ) ، وهو يخطّ في صحيفته : « يا أعرابي خذ بعدد البيض نوقاً فاحمل عليها فنيقا(٦) ، فما نتجت من قابل فاجعله هدياً بالغ الكعبة ، فإنه كفّارة فعلك » . فقال الاعرابي
: فديتك يا حسن إنّ من النيق ما يزلقن ، فقال الحسن ( عليه السلام ) : « يا أعرابي ، إنّ من البيض ما يمرقن » فقال الاعرابي : أنت صبي محدق محرّر في علم الله مغرق ، ولو جاز أن يكون ما أقوله قلته إنّك خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . فقال له الحسن (
عليه السلام ) : « يا أعرابي أنا الخلف من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأبي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الخليفة » . فقال الاعرابي
: وأبو بكر ماذا ؟ قال الحسن ( عليه السلام ) : « سلهم يا أعرابي » فكبّر القوم ، وعجبوا ممّا سمعوا من الحسن ( عليه السلام ) ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « الحمد لله الذي جعل فيّ وفي ابني هذا ، ما جعله في داود وسليمان ، إذ يقول الله ____________________________
(٦) الفنيق هو الفحل المكرم من الإِبل . . ( النهاية ج ٣ ص ٤٧٦ ) .