عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه ( عليهم السلام ) ، قال : « لما ظهرت الحبشة باليمن ، وجّه يكسوم ملك الحبشة بقائدين من قوّاده ، يقال لأحدهما أبرهة ، والآخر أرباط ، في عشرة من الفيلة كلّ فيل في عشرة آلاف لهدم بيت الله الحرام ، فلمّا صاروا ببعض الطريق وقع بأسهم بينهم ، واختلفوا فقتل أبرهة أرباط ، واستولى على الجيش ، فلما قارب مكّة طرد اصحابه عيراً لعبد المطلب بن هاشم ، فصار عبد المطلب إلى أبرهة ، وكان ترجمان أبرهة ، والمستولي عليه ابن داية(١) لعبد المطلب ،
فقال الترجمان لابرهة : هذا سيّد العرب وديّانها(٢) ، فأجلّه
وأعظمه ، ثم قال لكاتبه : سله ما حاجته ؟ فسأله ، فقال : إن أصحاب الملك طردوا لي نعماً فأمر بردّها . ثم أقبل على
الترجمان فقال : قل له : عجباً لقوم سوّدوك ورأسّوك عليهم ! حيث تسألني في عير لك وقد جئت لأهدم شرفك ومجدك ، ولو سألتني الرجوع عنه لفعلت . فقال : أيّها
الملك إن هذه العير لي وأنا ربّها فسألتك إطلاقها ، وأن لهذه البنيّة ربّاً يدفع عنها ، قال : فإني غاد لهدمها حتى انظر ماذا يفعل فلمّا انصرف عبد المطلب رحل أبرهة بجيشه ، فإذا هاتف يهتف في السحر الأكبر يا أهل مكّة اتاكم أهل عكّة ، بجحفل جرار يملأ الأندار ملء الجفار ، فعليهم لعنة الجبار ، فأنشأ عبد المطلب يقول : ( أيّها ____________________________
(١) الداية : هي المرضعة غير ولدها والمربية ( أنظر لسان العرب ج ١٤ ص ٢٨١ ) .
(٢) الديان : القهار وقيل هو الحاكم والقاضي وهو فعّال من دان الناس أي قهرهم على الطاعة ( النهاية ج ٢ ص ١٤٨ ) .