على معنى ما رووا انّ الله هو الدّهر (١) ] لا يعيبون (٢) ان يقولوا : يا دهر (٣) ارحمنا ، ويا دهر (٤) اغفر لنا ويا دهر (٥) ارزقنا ؛ يضاهون ما قالت اليهود : إنّهم يعبدون الله الّذي عزير ابنه ،
__________________
تعالى كالمرض والعافية والجدب والخصب والبقاء والفناء الى الدهر جهلا منهم بالصانع جلت عظمته ويذمون الدهر ويسبونه فى كثير من الاحوال من حيث اعتقدوا أنه الفاعل بهم هذه الافعال فنهاهم النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ عن ذلك وقال لهم : لا تسبوا من فعل بكم هذه الافعال ممن تعتقدون أنه هو الدهر فان الله تعالى هو الفاعل لها وانما قال : ان الله هو الدهر من حيث نسبوا الى الدهر أفعال الله وقد حكى الله تعالى عنهم قولهم : ( ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ ) ( الجاثية : ٢٤ ) وقال لبيد :
فى قروم سادة من قومه |
|
نظر الدهر إليهم فابتهل |
اى دعا عليهم وقال عمرو بن قمئة ( فأورد سبعة أبيات منه وقال ).
وقال الاصمعى : ذم أعرابى رجلا فقال : هو أكثر ذنوبا من الدهر ( الى ان قال بعد الاستشهاد بأشعار أخر ).
وقال آخر
فاستأثر الدهر الغداة بهم |
|
والدهر يرمينى وما أرسى |
يا دهر قد أكثرت فجعتنا |
|
بسراتنا ووقرت فى العظم |
وقال بعد ان بين معنى « وقرت فى العظم » :
وكل هؤلاء الذين روينا أشعارهم نسبوا أفعال الله التى لا يشاركه فيها غيره الى الدهر فحسن وجه التأويل الّذي ذكرناه ».
أقول : يشبه مضمون هذه الابيات فى نسبة الحوادث الى الدهر قول من قال بالفارسية :
«روزگار است آنكه گه عزت دهد گه خوار دارد |
|
چرخ بازيگر از اين بازيچه ها بسيار دارد» |
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ليس فى م.
(٢) ح ج س مج مث : « لا يتهيبون ».
(٣ و ٤ و ٥) م ( فى الموارد الثلاثة ) : « يا دهرنا ».