وكفّ عن المغيرة فلم يعاقبه ولم يعاتبه على ما صنع وأنتم تزعمون أنّ الشّيعة يقعون فى
__________________
فارسا ، فغضبت حين قال ذلك لخليفة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقمت إليه فأخذت برأسه فسحبته على أنفه فكأنما كان على أنفه عزلاء مزادة ، فأرادت الانصار أن يستقيدوا منى ، فبلغ ذلك أبا بكر ـ رضى الله عنه ـ فقال : ان أناسا يزعمون أنى مقيدهم من المغيرة بن شعبة ، ولان أخرجهم من ديارهم أقرب من أن أقيدهم من وزعة الله الذين يزعون عباد الله ( فقال مؤلف الكتاب ) قلت : هذا الكلام الاخير لم أعرف معناه ؛ والله أعلم ، رواه الطبرانى ورجاله رجال الصحيح » وقال مصحح الكتاب بالنسبة الى قوله : « لم أعرف » ما نصه : « بعد تصحيحه من النهاية ظهر معناه أنه لا يقيد ممن يكف الناس عن الشر » أقول : يريد بتصحيحه من النهاية ما ذكره ابن الاثير فى النهاية فى مادة « وزع » بقوله : « فيه : من يزع السلطان أكثر ممن يزع القرآن ؛ أى من يكف عن ارتكاب العظائم مخافة السلطان أكثر ممن يكفه مخافة القرآن والله تعالى ، يقال : وزعه يزعه وزعا فهو وازع اذا كفه ومنعه ومنه الحديث : ان ابليس رأى جبريل (ع) يوم بدر يزع الملائكة أى يرتبهم ويسويهم ويصفهم للحرب فكأنه يكفهم عن التفرق والانتشار ومنه حديث أبى بكر : أن المغيرة رجل وازع يريد أنه صالح للتقدم على الجيش وتدبير أمرهم وترتيبهم فى قتالهم ، ومنه حديث أبى بكر أنه شكا إليه بعض عماله ليقتص منه فقال : أقيد من وزعة الله؟
الوزعة جمع وازع وهو الّذي يكف الناس ويحبس أولهم على آخرهم أراد : أقيد من الذين يكفون الناس عن الاقدام على الشر؟ وفى رواية أن عمر قال لابى بكر : أقص هذا من هذا بأنفه فقال : أنا لا أقص من وزعة الله ؛ فأمسك ومنه حديث الحسن لما ولى القضاء قال : لا بد للناس من وزعة اى من يكف بعضهم عن بعض يعنى السلطان وأصحابه »
اذا عرفت ذلك فاعلم أن ليس هذا بأول قارورة كسرت فى الاسلام فان لهذا العمل الصادر من أبى بكر نظائر منها ما أشار إليه الامينى ـ رحمهالله تعالى ـ فى سادس