الوضوء» (١) وفي معناها حسنة زرارة (٢) وغيرها (٣).
وإن أُريد أنّ الإدراك الذي هو مناط التكليف لا يزول فهو غريب ، وكون النوم جبلّة وعادة وسريع الزوال وغير ذلك مما ذكره لا ينفع في صحّة الخطاب والتكليف في هذا الحين.
قوله : «فإنّ هذا الدليل غير قائم في أثناء العبادة» إلى أخره ، فيه : أنّ حاصل دليلهم أنّ العبادة مشروطة بالنية ، أي القصد إلى الفعل المعيّن امتثالاً لأمر الله ، فإنّ طاعة المولى لا تحصل إلا بقصد طاعته عرفاً ، وهذا هو معنى النية ، والإتيان بالفعل لغرض امتثال الأمر يقتضي العلم بتوجّه الأمر إليه ، وهو لا يتصوّر من الغافل الذاهل ، فلا يصح تكليفه ، بل يقبح ؛ لأنه بمنزلة خطاب الجماد ، فما ذكره من أنّ هذا الدليل غير قائم في أثناء العبادة في كثير من الموارد بمنزلة التصريح منه رحمهالله بعدم اشتراط جميع أجزاء العبادة بالنيّة ، والظاهر أنّه خلاف إجماعهم ، بل هم متفقون على اشتراطها ، ولكن لمّا لم يمكن إخطار النيّة في الأثناء دائماً ولم يتيسر أقاموا الاستدامة الحكميّة مقامها ، بل هي عين النيّة ، فإنّ التحقيق أنّ النيّة هي الداعي إلى الفعل ، لا المخطر بالبال ، وهو الذي يحرّكه إلى جانب الحركات والسكنات المخصوصة التي هي أجزاء العبادات مع ذهوله وغفلته عن إخطارها بالبال ، فكلّ من يفعل الفعل على حسب الداعي فهو ما لم يتوجّه الأمر إليه إجمالاً وعلى وجه من وجوه الالتفات ، وهذا القدر كافٍ في الخروج عن الغفلة والذهول.
وأما لو تحرّى عن ذلك أيضاً ، بأن نوى شيئاً مخالفاً للطاعة ومنافياً لها ، فلا ريب أنّه فاقد للداعي ، وليست عبادته صحيحة ، واشتباهه رحمهالله إنّما نشأ من الغفلة عن
__________________
(١) التهذيب ١ : ٦ ح ٤ ، الاستبصار ١ : ٧٩ ح ٢٤٥ ، الوسائل ١ : ١٨٠ أبواب نواقض الوضوء ب ٣ ح ٢.
(٢) الكافي ٣ : ٣٦ ح ٦ ، التهذيب ١ : ٨ ح ١٢ ، الوسائل ١ : ١٧٧ أبواب نواقض الوضوء ب ٢ ح ٢. قال : والنوم حتّى يذهب بالعقل.
(٣) الوسائل ١ : ١٨٠ أبواب نواقض الوضوء ب ٣.