وأما بناء على تبعيّتها للمصالح والمفاسد في المأمور بها والمنهي عنها ، فكذلك (١) ضرورة أنّ التبعية كذلك (٢) إنّما تكون في الأحكام الواقعية بما هي واقعية لا بما هي فعلية ، فإنّ المنع (٣) عن فعلية تلك الأحكام غير عزيز ، كما في موارد
______________________________________________________
لم يمنع عن فعليّتها مانع ولو من ناحية المكلّف ، لعدم استعداده ، أو لتسهيل الأمر عليه ، أو غيرهما كانت الأحكام في الفعلية أيضا تابعة لتلك المصالح والمفاسد ، وإلّا اختصت التبعية بالأحكام الإنشائية ، ولا يصير الطلب حينئذ فعليّا.
وبالجملة : فمجرد تبعية الأحكام لما في متعلقاتها من المصالح والمفاسد لا يوجب رجوع الشرط إلى المادة.
(١) أي : في غاية الوضوح.
(٢) يعني : تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد الثابتة في متعلقاتها.
(٣) غرضه : إثبات عدم التلازم بين الإنشائية والفعلية ، وجواز انفكاكهما استنادا إلى وجوه :
الأول : مخالفة الأحكام الفعلية في موارد الأصول ، حيث إنّها تجري مع العلم الإجمالي بمخالفتها للأحكام المجعولة في مواردها ، فتلك الأحكام تبقى على إنشائيّتها ، ولا تصير فعليّة مع قيام الأصول على خلافها.
الثاني : الأمارات القائمة على خلاف الأحكام الواقعية المانعة عن فعليتها ، فتبقى الأحكام على إنشائيّتها في موارد قيام الأمارات على خلافها.
الثالث : عدم بيان بعض الأحكام في أوّل البعثة تسهيلا لهم حتى يرغبوا في الدين ، فتلك الأحكام في أوّل البعثة لم تصر فعليّة.
الرابع : بقاء بعض الأحكام على الإنشائية إلى زمان حضور خاتم الأوصياء عجل الله تعالى فرجه وصلّى عليه وجعلنا فداه.
وبالجملة : فالأحكام الواقعية في هذه الموارد لم تصر فعلية ، فالوجوب المشروط حينئذ هو الفعليّ ، دون الإنشائي. فالشرط يرجع إلى الهيئة حتى على المبنى المشهور