فان قلت (١) : فما فائدة الإنشاء إذا لم يكن المنشأ به طلبا فعليا وبعثا حاليا.
______________________________________________________
(١) بعد أن أثبت المصنف (قده) جواز رجوع الشرط إلى الهيئة ، وأبطل لزوم رجوعه إلى المادة استشكل على نفسه بأنّه يلزم حينئذ لغويّة الإنشاء ، وعدم فائدة فيه ، إذ المفروض ترتب المنشأ ، وهو مفاد الهيئة على الشرط الّذي لم يحصل بعد ، فالوجوب حينئذ ليس فعليّا.
__________________
ولا بأس بتوضيح كلام الشيخ (قده) حتى يظهر حقيقة الحال ، فنقول :
ان كان مراده بالطلب الصفة النفسانيّة المعبّر عنها بالشوق المؤكّد ، فهو كسائر الأمور التكوينية لا تتّصف بالإناطة والفعليّة ، بل بالوجود والعدم ، فالقيود لا بدّ وأن ترجع إلى المشتاق إليه ، فالشوق موجود فعلا وإن كان المشتاق إليه مقيّدا بقية اختياري ، أو غيره ، كاشتياقه إلى الحجّ مع توقّفه على المال الّذي يقدر على تحصيله ، أو لا يقدر عليه. فالإرادة موجودة بناء على أنّها هي الشوق المؤكد ، كما يظهر من السبزواري في منظومته ، حيث قال : «عقيب داع دركنا الملائما ، شوقا مؤكّدا إرادة سما».
وإن كان مراده بالطلب ما يترتب على الشوق من التصدي لتحصيل مراده بإعمال قدرته للوصول إليه ، فكذلك ، لأنّه مترتب على ذلك الشوق النفسانيّ التكويني الّذي هو بالحمل الشائع إمّا موجود وإمّا معدوم ، ضرورة أنّ اختيار الفعل من آثار ذلك الشوق ، فبدونه لا اختيار.
وإن كان مراده بالطلب اعتبار شيء ، وجعله على عهدة المكلف المعبّر عنه بالوجوب تارة ، وبالإلزام أخرى ، فلا محذور في إناطته بشيء غير حاصل فعلا إن كان حسن الفعل المتعلّق به الطلب منوطا بشيء لم يحصل بعد ، كما لا محذور في جعل الوجوب فعليّا إن كان الفعل حسنا فعلا.
والظاهر أنّ هذا الوجه هو مراد الشيخ (ره) ، لأنّ الكلام في الحكم الشرعي ، لا في مقدماته المستحيلة في حق الباري تعالى إن كان هو الشارع ، وقد عرفت إمكان تقييده ، وعدم امتناعه.