فإنّ (١) ما رتّبه عليه من وجوب المقدمة فعلا كما يأتي إنّما هو من أثر إطلاق وجوبه وحاليّته ، لا من استقباليّة الواجب (*) ، فافهم (٢).
ثم إنّه ربما حكي عن بعض أهل النّظر (٣) من أهل العصر إشكال في الواجب
______________________________________________________
(١) بيان لعدم الاختلاف في الغرض المهم ، وحاصله : أنّ ما رتّبه الفصول على تقسيم الواجب إلى المعلّق والمنجّز من وجوب المقدمة فعلا يكون من آثار إطلاق الوجوب وفعليّته ، لا من آثار استقباليّة الوجوب وحاليّته ، فلا أثر لهذا التقسيم بالنسبة إلى وجوب المقدمة.
(٢) لعله إشارة إلى : أنّ التقسيم إلى المعلّق والمنجّز لا يخلو من الثمرة ، وهي : أنّ المقدّمة المعلّق عليها غير واجبة في المعلّق ، بخلاف المنجّز ، فإنّه يجب تحصيل جميع مقدماته ، لأنّ المفروض كون الوجوب فيه فعليا.
ودعوى : أنّ عدم وجوب المقدمة المعلّق عليها إنّما هو لأجل عدم القدرة عليها مندفعة بأنّ صاحب الفصول في آخر كلامه عمّم المعلّق عليه للمقدور أيضا ، ولذا جعلوا من ثمرات الواجب المعلّق تصحيح الأمر بالمهم على تقدير عصيان الأمر بالأهم.
(٣) وهو المحقق النهاوندي على ما في حاشية المحقّق المشكيني (قدهما) ، ووافقه جماعة من الأكابر ، وحاصل هذا الإشكال الّذي هو أحد إشكالات الواجب المعلّق : أنّ الإرادة التشريعيّة كالإرادة التكوينية في كونهما مشتركتين فيما تتوقف عليه الإرادة من العلم ، والتصديق بالغاية ، والميل ، وفيما يترتّب على الإرادة من تحريك العضلات ، وحصول الفعل بعده. ومن المعلوم : أنّ المراد التكويني لا ينفك عن زمان التحريك الّذي لا ينفك عن زمان الإرادة ، ولا بد أن يكون المراد التشريعي كذلك ، فلا ينفك عن زمان الأمر الّذي لا ينفكّ عن زمان الإرادة التشريعية ، والواجب المعلّق ليس كذلك ، لكون المراد فيه متأخّرا زمانا عن الإرادة ، لأنّ المفروض استقبالية الواجب ، فيكون من قبيل تخلّف المعلول عن العلة.
__________________
(*) ليس الواجب استقباليا ، إذ الواجب التعليقي عبارة عن تقيّده بقيد استقبالي ، فالواجب فعليّ ، لكنه مقيّد بقيد استقباليّ.