الالتزام بأمرين : أحدهما كان متعلّقا بذات العمل ، والثاني بإتيانه بداعي امتثال
______________________________________________________
المقدّمية ، لتوقّف كلّ حكم على موضوعه.
قال في البدائع : «ويسري هذا الإشكال في ساير المقدّمات التعبّديّة أيضا ، بل وجميع التعبديات».
وقد أجاب الشيخ (قده) عنه في طهارته بوجهين :
أحدهما : ما ملخّصه : أنّ عباديّة الوضوء إنّما هي لأجل عنوان واقعي راجح في نفسه ، وقصد ذلك العنوان كاف في عباديّته ، والأمر الغيري يتعلّق بذلك ، ولمّا كان ذلك العنوان مجهولا ، فيكفي قصده إجمالا.
وثانيهما : ما لفظه : «أنّ الفعل في نفسه ليس مقدّمة فعليّة ، وإنّما هو يصير مقدّمة إذا أتى به على وجه العبادة ، فإذا أراد الشارع الصلاة المتوقّفة على تلك المقدّمة الموقوفة مقدّميّتها على الأمر وجب الأمر به ، مع نصب الدلالة على وجوب الإتيان به على وجه العبادة بناء على أنّ وجوب قصد التعبّد في الأوامر إنّما فهم من الخارج ، لا من نفس الأمر ، فهذا الأمر محقّق لمقدّميّته مغن عن أمر آخر بعد صيرورته مقدّمة ، والمسألة محتاجة إلى التأمل» انتهى كلامه علا مقامه.
وقد أوضحه في البدائع بقوله : «وتوضيحه على وجه يرتفع به غبار الإشكال عن وجه المقال : أنّ لزوم الدور إنّما هو فيما إذا توقّف كون الوضوء عبادة على الأمر الّذي تعلّق به ، وهو ممنوع ، لأنّ الوضوء العبادي يتوقّف على الوضوء وقصد القربة معا ، فلا بدّ هنا من أمرين : أحدهما يكون متعلّقا بذات الوضوء ، والثاني يكون متعلّقا به مقيّدا بقصد القربة ، أي قصد امتثال الأمر ، فالأمر المتعلّق بالوضوء متعلّق به من غير اعتبار قصد القربة في متعلّقه ، للزوم الدور ، وهنا أمر آخر من الخارج ثبت بالإجماع أو غيره متعلّق به مقيّدا بقصد القربة ، أي امتثال الأمر الّذي تعلّق به أوّلا ، فالأمر الأوّل المتعلّق بالوضوء توصّلي محض ، أي لم يرد منه سوى إيجاد أفعاله في الخارج ، والأمر الآخر تعلّق بالتعبّد وقصد القربة فيه ، لأنّه بدونه لا يكفي في تحقّق الصلاة ، فنفس الوضوء والتعبّد به كلاهما مقدّمتان وشرطان للصلاة لا تصحّ