المكلّف مريدا للفعل المتوقف عليها ، كما لا يخفى على من أعطاها حقّ النّظر» ،
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
التكليف من المصلحة والمحبوبية ، وقدرة المكلّف على الامتثال صحّ من الآمر التكليف سواء كان عالما بعصيانه أم لا ، لكن في صورة العلم بالعصيان يسمى هذا تسجيليا ، حيث إنّ الغرض فيه التسجيل لتصحيح العقاب ، دون البعث على الفعل ، ولذلك حكموا بأنّ الكفّار مكلّفون بالفروع ، ومعاقبون عليها ، إلّا أنّ مثل هذا الأمر لا يتعلّق بالمقدّمات الّتي لا مدخليّة لها في حصول الغرض. وإن قلت إنّ التكليف بالفعل إن كان تسجيليّا ، فالتكليف بالمقدّمة أيضا كذلك ، كما في الإرشاد ، والامتحان ، وغيرهما ، فإنّ التكليف بالمقدّمة إنّما هو على حسب التكليف بذيها ، لا أنّه لا وجوب لها أصلا. قلت : للمقدّمات مدخليّة في الغرض في الإرشاد ، ونحوهما ، وكل ما يتوقّف عليه الغرض يجب أيضا مقدّمته ، وكلّما لا يتوقّف عليه لا يتعلّق به الوجوب المقدّمي ، والأمر التسجيلي لمّا كان لأجل تصحيح العقاب والمؤاخذة ، فلا معنى لكون هذا الأمر أمرا بالمقدّمات أيضا ، فافهم وتدبّر».
وأنت خبير بغرابة ما أفاده ، إذ لا ينبغي الإشكال في فعليّة البعث والتكليف مطلقا ولو مع علم الآمر بعصيان المكلّف ، وإلّا يلزم عدم العصيان الموجب لاستحقاق العقوبة ، لأنّ استحقاقها منوط بمخالفة التكليف الحقيقي. ولعلّ منشأ ذلك تخيّل كون البعث والانبعاث كالكسر والانكسار ، لكنّه ليس كذلك ، فإنّ البعث وظيفة المولى ، والانبعاث وظيفة العبد ، ومن المعلوم : أنّه فعل اختياريّ له ، وليس رشحا للبعث ، وإلّا يلزم منه محاذير لا يمكن الالتزام بها ، كما لا يخفى.
والحاصل : أنّ البعث ليس علّة تامّة للانبعاث.
ومن هنا يظهر : أنّ تكليف الكفّار بالفروع أيضا تكليف حقيقي ، وعقابهم إنّما هو لأجل مخالفتهم التكاليف الحقيقيّة ، كمخالفة المسلمين لها ، غاية الأمر : أنّهم إذا أسلموا يسقط عنهم ـ لشرف الإسلام ـ ما فات عنهم.