مبادئ (١) اختيار الفعل الاختياري من أجزاء علّته (٢) ، وهي لا يكاد تتّصف بالوجوب ، لعدم كونها بالاختيار (*) ، وإلّا (٣) لتسلسل ، كما هو واضح لمن تأمّل.
ولأنّه (٤) لو كان معتبرا فيه الترتّب لما كان الطلب يسقط بمجرّد الإتيان بها
______________________________________________________
وعلى هذا ، فيختص القول بوجوب المقدّمة الموصلة بمقدّمات الواجبات التوليديّة كالإحراق ، والقتل ، والتذكية ، ونحوها من المسبّبات التوليديّة التي لا تناط بالإرادة.
(١) وهي : الإرادة ومباديها من الخطور ، وتصوّر فائدته ، والتصديق بها ، والميل ، وهو هيجان الرغبة إليه ، ثم الجزم ، وهو حكم القلب بأنّه ينبغي صدوره.
(٢) أي : الفعل ، وضمير ـ هي ـ راجع إلى ـ مبادئ ـ ، وحاصله : أنّ العلّة المركّبة من الأمر الاختياري وغيره لا تكون اختياريّة ، فلا يتعلّق بها التكليف لا نفسيّا ، ولا غيريّا ، فالإرادة الّتي يتوقّف عليها الفعل الاختياري وتكون موصلة إليه لا تتّصف بالوجوب الغيري ، لعدم كونها اختياريّة.
(٣) أي : ولو كانت الإرادة من الأمور الاختياريّة لزم التسلسل ، ووجوب إرادة كلّ إرادة ، لوجود مناط الاتّصاف بالوجوب وهو المقدّميّة في كل مقدّمة ولو مع الواسطة ، فإنّ المقدّميّة سارية في جميع سلسلة الإرادات غير المتناهية ، وهي الموجبة لوجوبها.
(٤) معطوف على قوله : ـ فلأنّه لا يكاد يعتبر في الواجب إلّا ما له دخل في غرضه
__________________
(*) لكنّه عدل عن هذا المبنى في مسألة التجرّي الآتية في مباحث القطع إن شاء الله تعالى ، وقال هناك : «انّ بعض مبادئ الاختيار غالبا يكون وجوده بالاختيار ، للتمكّن من عدمه بالتأمّل فيما يترتّب على ما عزم عليه من تبعة العقوبة واللوم والمذمّة» ، فالإرادة اختياريّة ، وليست اضطرارية ، وتكون اختياريّتها بنفسها من دون حاجة إلى إرادة أخرى. وعلى تقدير كون الإرادة غير اختياريّة عند المصنف ، لكنّها اختياريّة عند صاحب الفصول ، حيث إنّه جعل الإرادة كالأفعال ممّا يكون تحت اختيار الإنسان ، فالنزاع يرجع إلى الاختلاف في المبنى.