الداعي إلى الداعي (*) ، غاية الأمر (١) : يعتبر فيها (٢) كغيرها (٣) أن يكون
______________________________________________________
(١) إشارة إلى الإشكال الثاني ، وأنّه لا دافع له ، فلا يجوز لشخص أن يأخذ الأجرة لإتيان فرائضه اليوميّة ، إذ لا يعود نفع إلى المستأجر الباذل للأجرة. نعم لا بأس بأخذ الأجرة لأداء ما فات عن الميّت من الفرائض ، إذ لا يلزم منه هذان الإشكالان.
أمّا الأوّل ، فلما عرفت من عدم كون الأجرة بإزاء نفس العمل حتى تنافي قصد القربة ، وإنّما هي لإحداث الداعي إلى إيجاد العمل بداعي أمره.
وأمّا الثاني ، فلفراغ ذمة الميّت بفعل الأجير ، فشرط صحّة الإجارة ـ وهو عود نفع إلى المستأجر ـ موجود هنا.
(٢) هذا الضمير وضميرا ـ كغيرها ـ و ـ فيها ـ راجعة إلى الواجبات التعبديّة.
(٣) من المباحات والمستحبات.
__________________
(*) يمكن الإشكال عليه تارة : بكون أخذ الأجرة داعيا إلى ذات الفعل ، لأنّ الداعي إلى مركّب أو مقيّد لا محالة يكون داعيا إلى كلّ جزء من أجزاء المركّب ، وإلى القيد ، وذات المقيّد من المقيّد ، فيكون أخذ الأجرة داعيا إلى ذات المقيّد وهو نفس الفعل ، وإلى قيده. فلذات الفعل داعيان : أخذ الأجرة ، والأمر ، فلا يقع ذات الفعل بدون داعويّة الأُجرة ، ومن المعلوم : منافاته لدعوة الأمر. وأخرى : بأنّه يعتبر في عباديّة العبادة كون قصد القربة علّة تامّة لإيجادها ، حتى يكون العمل عبادة ، والإتيان بها إطاعة ، فإذا كانت سببيّة الأمر للإطاعة منوطة بالأجرة لما كان قصد الأمر علّة تامّة للفعل ، بل علة ناقصة له ، وهذا مناف للتقرّب المعتبر في العبادة.
وإن شئت فقل : إنّه يعتبر أن يكون الأمر مطلقا داعيا إلى الفعل ، لا مقيّدا بشيء كبذل الأجرة ، لأنّ الأمر حينئذ ليس علّة تامّة للإطاعة ، إذ المفروض دخل الأجرة في الامتثال ، وداعويّة الأمر المتعلّق بالعبادة ، فلا يستحقّ به على الشارع الآمر به جزاء ، لأنّه نظير ما لو أمر زيد عمرا بإطاعة بكر ، فإنّ إطاعته لا توجب استحقاق عمرو جزاء على بكر ، لأنّه لم يطعه ، بل أطاع زيدا.