فما الحيلة فيما وقع كذلك (١) من (٢) طلب الضّدين في العرفيّات.
قلت (٣) : لا يخلو إمّا أن يكون الأمر بغير الأهمّ بعد التجاوز (٤) عن الأمر به ، وطلبه (٥) حقيقة ، وإمّا (٦) أن يكون الأمر به إرشادا إلى محبوبيّته ،
______________________________________________________
كقول شخص لولده : «اذهب إلى المكتب ، وإلّا فاقرأ القرآن ، أو صلّ صلاة جعفر ، أو اذهب إلى المسجد» ، إلى غير ذلك من موارد الأمر بالضدّين طوليّا ، ووقوع ذلك في الأمثلة العرفيّة أقوى دليل على إمكانه.
(١) أي : على نحو الترتّب.
(٢) بيان ل ـ ما ـ الموصولة في قوله : «فيما وقع».
(٣) هذا ردّ الدليل الإنّي المزبور ، وحاصله : أنّ ما وقع في العرفيّات لا يدلّ على وقوع الترتّب في الشرعيّات ، لأنّه يحتمل في الأمثلة العرفية أحد وجهين :
الأوّل : صدور الأمر بالمهم بعد الإغماض ورفع اليد عن أمر الأهم ، ففي صورة عدم الإتيان بالأهم لا أمر إلّا أمر المهم ، فليس هنا أمران بالضّدين حتى يصح اجتماعهما على نحو الترتّب. وهذا أجنبي عن الترتّب المبحوث عنه ، وهو : اجتماع طلبين فعليّين طوليّين متعلّقين بضدّين في آن واحد.
الثاني : عدم كون الأمر في هذه الموارد مولويّا ، بل هو إرشادي ، بأن يكون إرشادا إلى محبوبيّة متعلّقه ـ وهو المهم ـ ، وبقائه ـ بعد عصيان الأمر بالأهم ـ على ما كان عليه من المصلحة ، فالأمر المولوي متعلّق بالأهم. وأمّا المهم ، فأمره إرشادي ، فليس هنا أمران مولويّان فعليّان متعلّقان بالضدين.
والإتيان بالمهم يوجب ـ لأجل محبوبيّته ـ استحقاق المثوبة التي يذهب بها بعض ما استحقّه من العقوبة على ترك الأهم.
(٤) أي : الإعراض ، ورفع اليد.
(٥) هذا الضمير ، وضمير ـ به ـ راجعان إلى الأهم.
(٦) هذا إشارة إلى : الوجه الثاني المتقدّم بقولنا : «الثاني : عدم ... إلخ».