غرض واحد يقوم به كلّ واحد منهما بحيث إذا أتى بأحدهما حصل به تمام الغرض ، ولذا (١) يسقط به الأمر كان الواجب في الحقيقة هو الجامع بينهما ، وكان التخيير بينهما بحسب الواقع عقليّا ، لا شرعيّا ، وذلك (٢) لوضوح أنّ الواحد لا يكاد يصدر من الاثنين بما هما اثنان ما لم يكن بينهما جامع في البين ، لاعتبار (٣) نحو من السنخيّة بين العلّة والمعلول. وعليه : فجعلهما متعلّقين للخطاب الشرعي لبيان أنّ الواجب هو الجامع بين هذين الاثنين.
______________________________________________________
بما هما متباينان ، وبين الغرض الواحد القائم بكلّ منهما ، فلا محيص عن كون متعلّق الأمر جامعا بين المتباينين ، كتعلّق الأمر بالصلاة الجامعة بين أفرادها العرضيّة والطوليّة.
ومن المعلوم : أنّ هذا التخيير بين الأفراد عقليّ لا شرعي ، غاية الأمر : أنّه لما لم يكن ذلك الجامع في التخيير الشرعي معلوما لدينا لنطبّقه على أفراده بين الشارع أفراد ذلك الجامع الّذي هو الواجب حقيقة.
(١) أي : ولأجل حصول تمام الغرض يسقط الأمر المترتّب عليه بالإتيان بواحد منهما أو منها.
(٢) هذا برهان وجوب الجامع وكون التخيير عقليّا ، وقد تقدّم تقريبه بقولنا : «إذ لا يصدر الغرض الواحد إلا من الواحد ... إلخ».
(٣) وإلّا لأثّر كلّ شيء في كلّ شيء ، كما قيل.
__________________
الأخير ، وهو : «وجوب المعيّن عند الله تعالى» ، لأنّ المكلّفين إذا اختلفوا ، فاختار بعضهم في الكفّارة : الصوم ، والآخر : الإطعام ، والثالث : العتق ، أو أتى بعضهم بالجميع فلا يتميّز الواجب حينئذ عن غيره.
مضافا إلى : أنّ مقتضى العلم الإجمالي باشتغال الذّمّة بخصوص المعيّن عنده تعالى : لزوم الإتيان بجميع الأبدال ، إلّا أن يقول قائله بسقوط الواجب بغيره.