استيفاؤه استيفاء الباقي منه ، ومعه (١) لا يبقى مجال لامتثال الأمر الواقعي ، وهكذا الحال (٢) في الطرق ، فالاجزاء ليس لأجل اقتضاء امتثال الأمر القطعي ، أو الطريقي (٣) للإجزاء ، بل إنّما هو (٤) لخصوصية اتفاقية (*) في متعلقهما ، كما
______________________________________________________
(١) أي : مع كون ما قطع بأنّه مأمور به مشتملاً على المصلحة كُلًّا أو جُلًّا كما مر لا يبقى مجال لامتثال الأمر الواقعي ، فلا بدّ من الإجزاء كما لا يخفى.
(٢) يعني : أنّ ما ذكرناه في القطع المخطئ من عدم الاجزاء جار في الأمارة المخطئة أيضا ، فإذا قطعنا بحجية أمارة كخبر العدل الواحد ، ثم انكشف عدم اعتبارها ، فإنّ العمل المطابق لها لا يجزي أصلاً ، إلّا إذا كان المأتي به وافياً بالمصلحة ، أو بمقدار منها مع امتناع تدارك الباقي.
فالاجزاء ليس لأجل اقتضاء الأمر القطعي أو الطريقي له ، بل لوفاء المأتي به بمصلحة الواقع ، أو معظمها.
(٣) الأوّل في القطع ، والثاني في الأمارة غير العلمية ، وقوله : ـ للاجزاء ـ متعلق باقتضاء ـ (٤) أي : الاجزاء إنّما هو لخصوصية في متعلق الأمر القطعي والطريقي ، وهي الوفاء بالمصلحة ، كما مرّ آنفاً.
__________________
(*) قد يستشكل في الاجزاء ب : أنّه في صورة انكشاف خطاء القطع يكون المأتيُّ به مضاداً للمأمور به الواقعي ، فيحرم ، لكونه مقدمة لترك الواجب ، ومعه كيف يصير محبوباً ومقرِّباً.
لكنه يندفع : أنّ وجود أحد الضدين ليس مقدمة لترك الآخر ، كما أنّ ترك أحدهما ليس مقدمة لوجود الآخر ، فحرمة المأتيّ به لأجل المقدمية ممنوعة ، كمنع حرمته الناشئة من اقتضاء الأمر بشيء للنهي عن ضده من باب التلازم على ما سيأتي في مبحث الضد إن شاء الله.
وبالجملة : فكل من الضدين باقٍ على حكمه الشرعي ، فلا بد حينئذٍ من مراعاة الأهمية بينهما.