ولم يقل : «تنهلّان» ، وقال الآخر [من الكامل] :
١٧٩ ـ فكأنّ في العينين حبّ قرنفل |
|
أو سنبلا كحلت به فانهلّت |
ولم يقل : «كحلتا» ولا «فانهلّتا».
فالجواب : إنّ الإخبار عن «كلا» و «كلتا» إخبار المفرد كثير ، وما أنشدناه قليل بابه الشعر ، وهو مع ذلك لا يجوز إلا في الشيئين المتلازمين كالعينين واليدين ، وليس كذلك أمر «كلا» و «كلتا».
فإن قيل : فالذي يدلّ على أنّهما مثنيان إخبار العرب عنهما إخبار المثنّى ، قال : [من الرجز] :
١٨٠ ـ * كلاهما لا يطلقان*
فالجواب : إنّ ذلك قليل ووجهه الحمل على المعنى ، لأنّ «كلا» و «كلتا» وإن كانا مفردي اللفظ ، فهما مثنيان في المعنى ، ومثل ذلك قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ
______________________
ـ والشاهد فيه قوله : «العينان تنهل» حيث أفرد الضمير في الفعل المتأخر عن فاعله ، فلم يقل : العينان تنهلّان.
١٧٩ ـ التخريج : البيت لسلميّ بن ربيعة في خزانة الأدب ٧ / ٥٥٣ ، ٥٥٥ ؛ وسمط اللآلي ص ١٧٣ ، ٢٦٧ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٥٤٧ ؛ ونوادر أبي زيد ص ١٢١ ؛ ولعلباء بن أرقم في الأصمعيات ص ١٦١ ؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٣٥٨ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ١٩٧ ، ١١ / ٣٤٦ ؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ٢٥٣ ؛ ولسان العرب ١١ / ٧٠٢ (هلل).
اللغة : القرنفل : زهر معروف. السنبل : نبات طيّب الرائحة. انهلّت : انسكبت.
المعنى : فكأنّ أحدهم قد ذرّ في العينين حبّ القرنفل فانهلّتا دامعتين ، أو كحلهما بنبات السنبل فانسكبت دموعهما.
الإعراب : فكأن : «الفاء» : بحسب ما قبلها ، «كأن» : حرف مشبّه بالفعل. في العينين : جار ومجرور متعلّقان بخبر مقدّم محذوف لـ (كأن). حبّ : اسم (كأن) منصوب بالفتحة. قرنفل : مضاف إليه مجرور بالكسرة. أو سنبلا : «أو» : حرف عطف ، «سنبلا» : معطوف على (حبّ) منصوب بالفتحة. كحلت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث ، و «نائب الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي).
به : جار ومجرور متعلّقان بـ (كحلت). فانهلّت : «الفاء» : حرف عطف ، «انهلت» : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي).
وجملة «كأنّ في العينين حبّ قرنفل» : بحسب ما قبلها. وجملة «كحلت» : في محلّ نصب حال من (العينين). وجملة «فانهلت» : معطوفة على جملة (كحلت) في محل نصب.
والشاهد في قوله : «كحلت به فانهلّت» حيث جاء ضميرا الفعلين مفردين مع أنهما تأخّرا عن فاعليهما (فاعلهما).
١٨٠ ـ التخريج : لم أقع لا على قائله ولا على تتمته فيما عدت إليه من مصادر.