ومن هذا القبيل قوله [من الوافر] :
٢٦١ ـ كأنّ سبيئة من بيت رأس |
|
يكون مزاجها عسل وماء |
فجعل «عسل» و «ماء» اسمين لـ «يكون» وهما نكرتان غير مختصّتين ، وجعل «مزاجها» خبرا وهو مضاف إلى ضمير «سبيئة» ، والسبيئة نكرة مختصّة.
وقد تبيّن أنّ ضمير النكرة يتنزّل منزلة النكرة ، فـ «مزاجها» أخصّ من «عسل» و «ماء» ، وقد جعل خبرا للضرورة.
وهذا حكم النكرة مع المعرفة إذا اجتمعا في هذا الباب ما لم يكن للنكرة مسوّغ للإخبار عنها ، وذلك أن تكون النكرة اسم استفهام فإنّها يجوز الإخبار عنها بالمعرفة لأنّ اسم الاستفهام عموم ألا ترى أنّه يسأل به عن الواحد فصاعدا ، والعموم من مسوّغات الإخبار عن
______________________
ـ والشاهد فيه قوله : «إن شفاء عبرة مهراقة» حيث أخبر عن «شفاء» وهو نكرة غير مختصة بـ «عبرة» وهي نكرة مختصة بالوصف ، وهذا غير جائز إلا في الضرورة.
٢٦١ ـ التخريج : البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص ٧١ ؛ والأشباه والنظائر ٢ / ٢٩٦ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٢٢٤ ، ٢٣١ ، ٢٨١ ، ٢٨٣ ، ٢٨٥ ، ٢٨٧ ، ٢٨٩ ، ٢٩٣ ؛ والدرر ٢ / ٧٣ ؛ شرح أبيات سيبويه ١ / ٥٠ ؛ وشرح شواهد المغني ص ٨٤٩ ؛ وشرح المفصل ٧ / ٩٣ ؛ والكتاب ١ / ٤٩ ؛ ولسان العرب ١ / ٩٣ (سبأ) ، ٦ / ٩٤ (رأس) ، ١٤ / ١٥٥ (جني) ؛ والمحتسب ١ / ٢٧٩ ؛ والمقتضب ٤ / ٩٢ ؛ وبلا نسبة في همع الهوامع ١ / ١١٩.
اللغة : السبيئة : الخمر المعتقة. المزاج : والممازجة الخلط.
المعنى : كأن على أنيابها خمرا مختلطة بالماء والعسل شربت خصيصا لذلك.
الإعراب : كأن : حرف مشبه بالفعل. سبيئة : اسمها منصوب بالفتحة الظاهرة. من بيت رأس : «من» : حرف جر ، «بيت» : اسم مجرور وهو مضاف والجار والمجرور متعلقان بصفة محذوفة. «رأس» مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة. يكون : فعل مضارع ناقص مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره. مزاجها : خبر «يكون» مقدم منصوب بالفتحة وهو مضاف و «ها» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. عسل : اسم «يكون» مرفوع بالضمة الظاهرة. وماء : «الواو» : عاطفة ، «ماء» : اسم معطوف على عسل مرفوع مثله بالضمة الظاهرة.
وجملة «يكون مزاجها عسل» : في محل رفع خبر «كأن». وجملة «كأن سبيئة» : في محل نصب حال لاسم «شيئا» في البيت السابق.
والشاهد فيه قوله : (يكون مزاجها عسل) حيث أخبر عن «عسل» وهو نكرة غير مختصة بـ «مزاجها» الذي هو أخصّ من «عسل» وما ذلك إلّا للضرورة.