والجواب : إنّ هذا ـ لو لم يكن فيه تأويل يحمل على ظاهره ويكون من قلب الإعراب ـ ضرورة ولا يقاس عليه الكلام. لكنه قد يتخرّج ذلك عندنا على أن يكون الخبر محذوفا لفهم المعنى ، فكأنه قال : فإنّ أخاك مكلّف بحبّها ، ولكنه حذف مكلّف من غير أن ينيب منابه المجرور ، لأنه في باب الابتداء قد تقدم أنه لا يجوز إنابة المجرور مناب المحذوف حتى يكون حرف الجر مناسبا للمحذوف ، ويكون الدال على كلف قوله بعد : «مصاب القلب» ، وما تقدّم في القصيدة ممّا يدلّ على أنّه كلف بها إذ فهم الخبر إذا فهم المعنى جائز.
ويجوز حذف أسماء هذه الحروف في فصيح الكلام إذا كان في الكلام ما يدلّ عليها ، نحو قوله [من الطويل] :
فلو كنت ضبّيّا عرفت قرابتي |
|
ولكنّ زنجيّ عظيم المشافر (١) |
يريد : ولكنّك زنجيّ ، فحذف الاسم. ومن ذلك قوله [من الطويل] :
٣٠٢ ـ فليت دفعت الهمّ عنّي ساعة |
|
فبتنا على ما خيّلت ناعمي بال |
______________________
(١) تقدم بالرقم ٢٨٣.
٣٠٢ ـ التخريج : البيت لعدي بن زيد في ديوانه ص ١٦٢ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٩٧ ؛ ونوادر أبي زيد ص ٢٥ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ١٠ / ٤٤٥ ، ٤٥١ ، ٤٧٤ ؛ والدرر ٢ / ١٧٧ ؛ ومغني اللبيب ١ / ٢٩٨ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٣٦ ، ١٤٣.
اللغة : خيّلت : تهيّأت للمطر. البال : الحال والشأن.
المعنى : أتمنّى لو أنك أبعدت الهمّ عن فكري ، حتى لو لساعة واحدة ، آنئذ ننام ونحن بحالة حسنة ناعمة حسب ما هيّأت لنا.
الإعراب : «فليت» : «الفاء» : بحسب ما قبلها ، «ليت» : حرف مشبّه بالفعل ، و «اسمها» : محذوف وتقديره (فليتك). «دفعت» : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. «الهمّ» : مفعول به منصوب بالفتحة. «عني» : جار ومجرور متعلّقان بـ «دفعت». «ساعة» : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة ، متعلق بـ «دفعت». «فبتنا» : «الفاء» : عاطفة ، «بتنا» : فعل ماض مبني على السكون ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. «على» : حرف جر. «ما» : اسم موصول بمعنى «الذي» في محلّ جرّ بحرف الجرّ ، والجار والمجرور متعلّقان بـ «بتنا». «خيّلت» : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث لا محلّ لها ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي). «ناعمي» : حال منصوبة بالياء لأنه مثنى. «بال» : مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة «ليتك دفعت» : بحسب ما قبلها. وجملة «دفعت الهمّ» : في محل رفع خبر «ليت». وجملة ـ