عاطفة والعرب تستعملها وإن لم يتقدمها كلام ، فتقول : «ورجل أكرمته» ابتداء ، كما قال [من الرجز] :
٣٥٦ ـ وبلدة ليس بها أنيس |
|
[إلّا اليعافير وإلّا العيس] |
دليل على أن «ربّ» جواب حتى تكون الواو قد عطفت الجواب على السؤال المتقدّم المقدر ، ولو لا أنّها كذلك لما ساغ وقوع حرف العطف أول الكلام.
ولا بد للمخفوض بـ «ربّ» من الصفة ، فتقول : «ربّ رجل عالم لقيت» ، فيكون «عالما صفة لـ «رجل» و «ربّ» ومخفوضها متعلقة بـ «لقيت» ، وذلك أن تحذف الفعل الذي تتعلّق به «رب» لدلالة ما تقدم عليه ، فتقول : «ربّ رجل» ، وتحذف «لقيت» لدلالة ما تقدم
______________________
٣٥٦ ـ التخريج : الرجز لجران العود في ديوانه ص ٩٧ ؛ وخزانة الأدب ١٠ / ١٥ ـ ١٨ ؛ والدرر ٣ / ١٦٢ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٤٠ ؛ وشرح التصريح ١ / ٣٥٣ ؛ وشرح المفصل ٢ / ١١٧ ، ٣ / ٢٧ ، ٧ / ٢١ ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ١٠٧ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٩١ ؛ والإنصاف ١ / ٢٧١ ؛ وأوضح المسالك ٢ / ٢٦١ ؛ والجنى الداني ص ١٦٤ ؛ وجواهر الأدب ص ١٦٥ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ١٢١ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ٧ / ٣٦٣ ، ٩ / ٢٥٨ ، ٣١٤ ؛ ورصف المباني ص ٤١٧ ؛ وشرح الأشموني ١ / ٢٢٩ ؛ وشرح المفصل ٢ / ٨٠ ؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ١٣٦ ؛ والكتاب ١ / ٢٦٣ ، ٢ / ٣٢٢ ؛ ولسان العرب ٦ / ١٩٨ (كنس) ، ١٥ / ٤٣٣ (ألا) ؛ ومجالس ثعلب ص ٤٥٢ ؛ والمقتضب ٢ / ٣١٩ ، ٣٤٧ ، ٤١٤ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٢٢٥.
اللغة والمعنى : الأنيس : الذي يؤنس به. اليعافير : ج اليعفور ، وهو ولد البقرة الوحشيّة أو الغزال. العيس : الإبل البيض.
يقول : ربّ بلدة بلغتها ، فوجدتها خالية من الناس ، وليس فيها إلّا الظباء والإبل البيض.
الإعراب : وبلدة : الواو : واو «ربّ». بلدة : اسم مجرور لفظا مرفوع محلّا على أنّه مبتدأ ، وخبره محذوف تقديره : «سكنتها». ليس : فعل ماض ناقص. بها : جار ومجرور متعلّقان بخبر «ليس» المحذوف. أنيس : اسم «ليس» مرفوع. إلّا : حرف حصر. اليعافير : بدل من «أنيس» مرفوع. وإلّا : الواو : حرف عطف ، إلّا : حرف حصر. العيس : بدل من «أنيس» مرفوع.
وجملة (وبلدة ...) الاسميّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها ابتدائيّة. وجملة (ليس بها أنيس) الفعليّة في محلّ جرّ أو رفع نعت «بلدة».
والشاهد فيه قوله : «وبلدة» حيث قيل إنّ «ربّ» جواب لسؤال متقدم مقدر ، بدليل أن الواو العاطفة النائبة مناب «ربّ» قد وقعت أول الكلام ولو لم تكن قد عطفت الجواب على سؤال متقدم مقدر لما ساغ وقوعها أول الكلام.