وتلحقها تاء التأنيث فيقال : ربّما وربما وربّتما. فإذا لحقتها «ما» كانت على حكمها في خفضها النكرة إذا وقعت بعدها ، ولا يجوز رفعها إلّا على أن تكون خبر ابتداء مضمر ، والجملة في موضع صفة لما وما نكرة. ومن ذلك قوله [من الخفيف] :
٣٦١ ـ طالعات ببطن فعرة بدن |
|
ربّما ضاعن بها ومقيم |
برفع «ضاعن» و «مقيم» ، كأنّه قال : ربّ شيء هو ضاعن ومقيم.
وقد تهيئها «ما» للدخول على الجملة الفعلية ، ويكون الفعل بعدها ماضيا لفظا ومعنى نحو : «ربّما قام زيد» ، أو ماضيا معنى خاصة ، نحو : «ربّما يقوم زيد» ، تريد : قام. وأمّا أن تدخل على مستقبل اللفظ والمعنى ، فلا يجوز ذلك. فأما قوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) (١). فأدخل «ربّ» على مستقبل في اللفظ والمعنى لأنّ الكفار لا يودون ذلك إلّا في الآخرة. فإنّ الذي سوّغ ذلك أنّ الدار الآخرة قريبة من الدنيا إنّما هي هذه
______________________
ـ والشاهد فيه قوله : «رب هيضل» حيث جاء بـ «ربّ» مخفّفة ، فحذف الباء الساكنة ، مبقيا على الباء المتحركة ، وفي رواية من رواها بالسكون يكون الحذف للمتحركة.
٣٦١ ـ التخريج : البيت لأبي دؤاد الإيادي في الأزهية ص ٩٥ ؛ ومعجم ما استعجم ص ٢٣٠ ، ٦٢٨ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٩ / ٥٨٧. ورواية الصدر في هذه المصادر :
* سالكات سبيل قفرة بدّا*
اللغة : فعرة : اسم مكان ، ضاعن : ظاعن أي مسافر.
المعنى : الشاعر يصف الإبل وهن يمشين في الأودية أو يبركن بها.
الإعراب : طالعات : خبر مرفوع بالضمة لمبتدأ محذوف تقديره (هنّ). ببطن : جار ومجرور متعلقان بطالعات. فعرة : مضاف إليه مجرور بالفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. بدن : خبر ثان مرفوع بالضمة. ربما : «رب» : حرف جرّ شبيه بالزائد «ما» ، في محل رفع مبتدأ تقديره : (شيء). ضاعن : خبر لمبتدأ محذوف. بها : جار ومجرور متعلقان بخبر المبتدأ (ما). ومقيم : «الواو» : حرف عطف ، «مقيم» : اسم معطوف على (ضاعن) مرفوع مثله.
وجملة «هن طالعات» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «ربما ضاعن بها» : خبر آخر للمبتدأ الرافع لـ (طالعات). وجملة «هو ضاعن» صفة لـ (ما) محلها الرفع.
والشاهد فيه قوله : «ربما ضاعن» برفع (ضاعن) على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، والجملة من المبتدأ والخبر صفة لـ (ما) لأنها نكرة بمعنى شيء.
(١) الحجر : ٢.