«صلت فاطمة (عليهاالسلام) في درع وخمار وليس عليها أكثر مما وارت به شعرها وأذنيها». وهي مع تسليم السند لا تدل على الوجوب ، نعم يمكن الاستدلال بها على عدم وجوب ستر العنق وفي رواية زرارة المتقدمة إشعار به ايضا. انتهى. أقول : فيه ان الظاهر من الأخبار المتقدمة ـ باعتبار اشتمالها على الخمار والمقنعة التي هي عبارة عن الخمار ايضا كما ذكره أهل اللغة وغيرهم والملحفة تلتف بها ـ هو ستر شعر الرأس وستر العنق بل ستر الرأس وما انحدر عنه ما عدا الوجه ، اما بالنسبة إلى الملحفة فظاهر لما عرفت من معناها وانها بعد التقنع بها تلفها وتضمها على بدنها ، واما بالنسبة إلى الخمار فان الظاهر بل المعلوم انحداره عن العنق وزيادة لا الاختصاص بالرأس كما يوهمه ظاهر كلامه (قدسسره) ومن أظهر الأدلة على ذلك قوله عزوجل «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ» (١) قال شيخنا أمين الإسلام الطبرسي (قدسسره) في تفسير مجمع البيان. والخمر المقانع جمع خمار وهو غطاء رأس المرأة المنسدل على جنبيها ، أمرن بإلقاء المقانع على صدورهن تغطية لنحورهن فقد قيل انهن كن يلقين مقانعهن على ظهورهن فتبدو صدورهن ، وكنى عن الصدور بالجيوب لأنها ملبوسة عليها. وقيل انهن أمرن بذلك ليسترن شعرهن وقرطهن وأعناقهن ، قال ابن عباس تغطي شعرها وصدرها وترائبها وسوالفها. انتهى. وهو صريح ـ كما ترى ـ في كون الخمار منسدلا الى الصدر والظهر موجبا لستر شعر الرأس والعنق كما لا يخفى ، وان حملناه على ما هو المعمول الآن والمتعارف بين نساء هذا الزمان فهو أبلغ وأظهر في ستر الأجزاء المذكورة من ان يحتاج الى بيان.
واما الرواية التي نقلها عن فاطمة (عليهاالسلام) التي هي سبب وقوعه في هذا الوهم فهي ـ مع كونها ظاهرة في كون تلك الحال حال ضرورة ـ ظاهرة في وجوب ستر الشعر فإنه لا يخفى ان شعر الرأس بمقتضى العادة منسدل على العنق والبدن من إمام
__________________
(١) سورة النور الآية ٣١.