وخلف وهي (صلوات الله عليها) لمكان الضرورة وعدم كون خمارها متسعا كسائر الاخمرة التي أشرنا إليها قد جمعت شعر رأسها ووارته في ذلك الخمار اليسير حيث انه ليس فيه سعة يأتي على شعرها مع انسداله ، فان ظاهر الخبر ان ذلك الخمار لصغره انما وارى ما فوق العنق خاصة فجمعت شعر رأسها فيه ، ولو كانت الصلاة جائزة مع عدم ستر الشعر كما توهمه لما كان لجمعها له في الخمار وجه البتة لما عرفت انه بمقتضى العادة منسدل الى تحت ، وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر لا سترة عليه ، وبه يظهر ان ما استقر به في الذكرى من دلالة الخبر على الوجوب في محله وان كلامه عليه ومنعه الدلالة لا وجه له
واما قوله ـ : نعم يمكن الاستدلال بها على عدم وجوب ستر العنق ـ فضعيف بل عجيب من مثله (قدسسره) فإنه لا يخفى ان ظاهر الخبر ينادي بأن صلاتها (صلوات الله عليها) في ذلك الخمار بهذه الكيفية انما هي لمكان الضرورة وانه ليس عليها أكثر من ذلك فالحال حال ضرورة والضرورات تبيح المحظورات وانما صلت كذلك حيث لم تجد ساترا يستر ما زاد على ذلك ، فكيف يسوغ منه الاستدلال به على جواز كشف العنق مطلقا؟ وقد عرفت من ظاهر الآية ـ كما ذكره أمين الإسلام المتقدم ذكره ـ الدلالة على كون الخمار المتعارف يومئذ ساترا للجميع وان الله سبحانه قد أوجب ستر هذه المواضع عن الناظر المحترم لكونها عورة فيجب سترها في الصلاة أيضا كما تقدم ، ويجب حمل الخمار في الأخبار المتقدمة على ذلك كما عرفت ، وبه يظهر وجوب ستر العنق ونحوه ايضا.
وأعجب من ذلك قوله : «وفي رواية زرارة المتقدمة إشعار به» وكأنه توهم من نشر الملحفة على رأسها انها ترمي طرفي الملحفة على يمينها ويسارها وتصلي مكشوفة العنق مما يلي صدرها وغفل عن قوله : «وتجلل بها» فان المراد بالتجلل بها ضمها على البدن كما عرفت من الروايات الأخر ، وبه صرح أهل اللغة حيث ذكروا ان الجلال للدابة كالثوب للإنسان يقيه من البرد ونحوه وهو يقتضي ضمه على البدن من جميع جهاته وأطرافه