واضحة الدلالة في المدعى إلا ان من شأن للسيد وابن إدريس الاعتماد على الأدلة العقلية بزعمهما وعدم مراجعة الأدلة السمعية كما لا يخفى على المتتبع لكلامهما العارف بقواعدهما ، ولا سيما المرتضى (رضياللهعنه) كما تصفحت جملة من كتبه فإنه في مقام الاستدلال على الأحكام التي يذكرها انما يورد أدلة عقلية ولا يلم بالأخبار بالكلية.
إلا ان هنا جملة من الروايات الدالة على مذهب المرتضى (رضياللهعنه) ومن تبعه نقلها شيخنا المجلسي في كتاب البحار (١) من كتاب زيد النرسي :
منها ـ عن ابي الحسن (عليهالسلام) «انه سمع الأذان قبل طلوع الفجر فقال شيطان ثم سمعه عند طلوع الفجر فقال الأذان حقا».
ومنها ـ عن ابي الحسن (عليهالسلام) قال : «سألته عن الأذان قبل طلوع الفجر فقال لا إنما الأذان عند طلوع الفجر أول ما يطلع. قلت فان كان يريد ان يؤذن الناس بالصلاة وينبههم؟ قال فلا يؤذن ولكن ليقل وينادي ب «الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم» يقولها مرارا وإذا طلع الفجر فلم يكن بينه وبين ان يقيم إلا جلسة خفيفة بقدر الشهادتين وأخف من ذلك».
ومنها ـ ايضا عن ابي الحسن (عليهالسلام) قال «الصلاة خير من النوم بدعة بني أمية وليس ذلك من أصل الأذان ولا بأس إذا أراد الرجل ان ينبه الناس للصلاة ان ينادي بذلك ولا يجعله من أصل الأذان فإنا لا نراه أذانا».
أقول : وكان الاولى بمن ذهب الى القول المذكور الاستناد الى هذه الاخبار إلا ان صحة الكتاب المذكور والاعتماد عليه محل اشكال. وكيف كان فالظاهر ان هذه الاخبار لا تبلغ قوة المعارضة لما قدمناه من الأخبار المعتضدة بعمل أكثر الأصحاب وروايتها في الأصول المعتمدة ، ولا يبعد خروج هذه الاخبار مخرج التقية فإنه مذهب أبي حنيفة واتباعه كما تقدم ذكره (٢).
__________________
(١) ج ١٨ الصلاة ص ١٧٩.
(٢) ص ٣٩٤.