وما رواه فيه ايضا عن ابى الجارود (١) قال : «شككنا سنة في عام من تلك الأعوام في الأضحى فلما دخلت على ابى جعفر عليهالسلام كان بعض أصحابنا يضحى فقال : الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحى الناس والصوم يوم يصوم الناس».
وهذه الاخبار كما ترى ظاهرة الدلالة بل صريحة المقالة على وجوب الصوم والإفطار متى شاعت الرؤية بين الناس واشتهرت بحيث صاموا وأفطروا من غير نظر الى أن يكون فيهم عدلان أم لا ، لان الحكم فيها إنما علق على الكثرة والاتفاق على ذلك.
قال الشيخ (قدسسره) في التهذيب بعد نقل رواية عبد الحميد : يريد عليهالسلام بذلك ان صومهم إنما يكون بالرؤية فإذا لم يستفض الخبر عندهم برؤية الهلال لم يصوموا على ما جرت به العادة في بلاد الإسلام. انتهى. وهو مؤيد لما قلناه وظاهر في ما ادعيناه.
ومن ما يمكن أن يستدل به في المقام وان لم يتنبه له أحد من علمائنا الأعلام صحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليهالسلام (٢) قال : «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا ، وليس بالرأي ولا بالتظني ولكن بالرؤية ، والرؤية ليس ان يقوم عشرة فينظروا فيقول واحد هو ذا فينظر تسعة فلا يرونه ، إذا رآه واحد رآه عشرة وألف».
فإن الظاهر ان المعنى فيها ـ والله سبحانه وأولياؤه أعلم ـ انه متى كان الهلال بحيث كل من نظر اليه رآه من غير علة هناك مانعة من ضعف بصر أو غيم أو نحوهما ـ واشتهر وشاع ذلك على هذه الكيفية بحيث لم يقل قائل خال من العذر انى نظرت اليه فلم أره ـ فإنه يجب على سائر الناس ممن لم ينظروا العمل بمقتضى ذلك مع حصول العلم باخبار أولئك ، لأن مساق الخبر بالنسبة الى من لم ينظر وهل
__________________
(١) الوسائل الباب ٥٧ من ما يمسك عنه الصائم. واللفظ «سألت أبا جعفر (ع) انا ...».
(٢) الوسائل الباب ١١ من أحكام شهر رمضان.