مع (١) أنّ ضمان التالف ببدله معلوم ، إلّا أنّ الكلام في أنّ البدل هو البدل الحقيقي ـ أعني المثل أو القيمة ـ أو البدل الجعلي أعني العين الموجودة ،
______________________________________________________
(١) هذا هو الوجه الثاني لعدم جريان أصالة البراءة عن الضمان ، وسلامة أصالة السلطنة من المعارض. وحاصل هذا الوجه : أنّ العلم الإجمالي بالضمان ـ على أحد النحوين من الضمان الواقعي والجعلي ـ يمنع عن جريان أصالة البراءة ، فتبقى أصالة بقاء السلطنة بلا معارض.
__________________
يكون إحراز الواقع بالأصل المحرز مغنيا عن إجراء الأصل غير المحرز فيه ، كما إذا كان ماء مشكوك الطهارة والنجاسة مع العلم بطهارته سابقا ، فإنّ الجاري فيه هو استصحاب الطهارة لا قاعدتها ، لحكومة الأوّل عليها.
وأمّا إذا تعدّد المجرى كما إذا علم إجمالا بملاقاة نجاسة لماء أو بوليّة مائع آخر ، فإنّه لا يقال بحكومة أصالة عدم وقوع النجاسة في الماء على قاعدة الطهارة في ذلك المائع ، بل استصحاب عدم وقوع النجاسة يعارض قاعدة الطهارة ، فيتساقطان ، ويرجع إلى ما يقتضيه قاعدة تنجيز العلم الإجمالي من وجوب الاجتناب عن كليهما. ففي المقام يقع التعارض بين قاعدة السلطنة وبين أصالة البراءة عن الضمان.
كما ظهر بما ذكرنا : أنّه لا يلزم حمل أصالة البراءة على استصحاب عدم الضمان حتى تقع المعارضة بين الاستصحابين كما في حاشية المحقق الايرواني وغيره ، بدعوى : «أنّ أصل البراءة بمعناها المعروف أصل حكمي محكوم بالاستصحاب ، فلا يتوقّع من المصنف فرض المعارضة بينهما ، فلا بدّ من حملها على استصحاب براءة الذمة» (١) ، هذا.
وجه عدم اللزوم ما عرفت من أن حديث الحكومة منوط بوحدة المورد ، فلا مجال له مع تعدّده كما في المقام ، فلاحظ.
__________________
(١) : حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٨٧