.................................................................................................
__________________
وقال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي أيضا : إنّه ينعقد اعتبارا بالمعنى» (١).
الخامس : أنّ العقد بغير العربيّة لا يصدق عليه أنّه عقد.
وزاد بعضهم أنّ غير العربية من اللغات ليست لغة ، لأنّ غير العرب أعجم ، والأعجم هو من لا لسان له ، هذا.
وأنت خبير بما في الكل.
إذ في الأوّل ـ وهو الأصل ـ أنّه لا أصل له مع الدليل ، وهو عموم ما دلّ على نفوذ العقود والبيع والتجارة ، فإنّ صدق هذه العناوين عرفا على ما ينشأ بغير الألفاظ العربية ممّا لا يمكن إنكاره ، ومع هذا الصدق كيف يصح التمسك بأصالة الفساد؟
وفي الثاني : أنّ التأسّي إنّما يصح في الأفعال الواردة في مقام التشريع كأفعال الصلاة والحج ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «صلّوا كما رأيتموني أصلّي» و «خذوا عنّي مناسككم». وأمّا إذا ورد فعل بعد ورود دليل عام على صحة شيء ، ثم صدر عمل يكون مصداقا لموضوع ذلك الدليل ، فلا وجه للزوم التأسّي حينئذ حتّى يقال بانحصار المصداق فيما صدر عن التشريع كما في المقام ، فإنّ عموم قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ونحوه يشمل العقد المنشإ بالعربي والفارسي ، فصدور العقود العربيّة منهم عليهمالسلام لا يدلّ على انحصار العقود النافذة بما أنشئ باللفظ العربي حتى يجب التأسّي.
وفي الثالث : أنّ الماضي لا يختص باللغة العربية حتى يكون غير العربي فاقدا لقيدين ، فلا أولوية في البين ، بل هما سيّان ، لكون كل واحد منهما فاقدا لقيد وواجدا له.
وفي الرابع : أن كون غير العربي من الكنايات ممنوع أشدّ المنع ، بداهة أنّ ترجمة لفظ «بعت» مثلا وهي بالفارسية «فروختم» كنفس «بعت» تدلّ بالوضع على معنى البيع في الزمان.
ولعل المستدل زعم أنّ الماضي مختص باللغة العربية ، وهو معلوم الفساد ، هذا.
وفي الخامس : أنّ تقوّم العقد بالعربية مما يعلم بالضرورة خلافه ، لصدق العقد العرفي على ما ينشأ بغير العربية من اللغات ، فإنّ التشكيك في صدقه عليه خلاف
__________________
(١) : تذكرة الفقهاء ، ج ٢ ، ص ٥٨٢