.................................................................................................
__________________
الضرورة وما عليه العقلاء.
بل دعوى انصراف العقود إلى المعهودة توجب القطع بعدم اعتبار العربية فيها ، لكون العقود المتعارفة عند كلّ ملّة منشأة بلغاتهم المختلفة.
ويظهر مما تقدّم ضعف احتمال عدم كون غير العربية لغة.
فتلخص مما ذكرناه : عدم دليل على اعتبار العربية فيما عدا النكاح من العقود اللازمة حتى تخصّص به عمومات أدلة النفوذ ، فلو شكّ في اعتباره فمقتضى العمومات عدمه ، فيصحّ إنشاء العقود اللازمة غير النكاح بكلّ لغة ، لصدق العقد عرفا عليها ، وعدم اعتبار العربية فيها شرعا كما لا يخفى.
وأمّا المقام الثاني : وهو عقد النكاح ففي اعتبار العربية فيه خلاف. قال في المبسوط : «فإن عقدا بالفارسية ، فإن كان مع القدرة على العربية فلا ينعقد بلا خلاف ، وإن كان مع العجز فعلى وجهين : أحدهما ، يصحّ ، وهو الأقوى ، والثاني : لا يصح. فمن قال : لا يصحّ قال : يوكّل من يقبلها عنه ، أو يتعلّمها. ومن قال : يصحّ ، لم يلزمه التعلم. وإذا أجيز بالفارسية احتاج إلى لفظ يفيد مفاد العربية على وجه لا يخلّ بشيء منه فيقول الولي : اين زن را به تو دادم به زني ، ومعناه هذه المرأة زوّجتكها ، ويقول الزوج : پذيرفتم به زني ، يعني : قبلت هذا النكاح» (١).
وقال العلّامة قدسسره في نكاح التذكرة : «لا ينعقد إلّا بلفظ العربية مع القدرة ، فلو تلفّظ بأحد اللفظين ـ يعني : أنكحت وزوّجت ـ بالفارسية أو غيرها من اللغات غير العربية مع تمكّنه ومعرفته بالعربية لم ينعقد عند علمائنا .. إلى أن قال : وأمّا إذا لم يحسن العربية ، فإن أمكنه التعلم وجب ، وإلّا عقد بغير العربي للضرورة» (٢).
وقال المحقّق قدسسره : «ولا يجوز العدول عن هذين اللفظين إلى ترجمتهما بغير
__________________
(١) : المبسوط في فقه الإمامية ، ج ٤ ، ص ١٩٤
(٢) تذكرة الفقهاء ، ج ٢ ، ص ٥٨٢