.................................................................................................
______________________________________________________
فكالمصالحة المعوّضة ، كما إذا صالح زيد عمروا على الدار بألف دينار ، فكلّ منهما مصالح ومتصالح ، من جهة إنشائهما التسالم على مبادلة الدار بالألف. وحكمه لزوم تأخير القبول عن الإيجاب ، وذلك لأجل تركّب العقد من إيجاب وقبول. ولمّا كان هذا الصلح قائما بهما على السّوية ـ وليس كالبيع والإجارة ـ توقف تمييز القابل عن الموجب بأن ينشأ القبول بلفظ «قبلت» دون «صالحت» وإلّا يلزم تركّب العقد من إيجابين ، وهو ممنوع ، فلا مناص من إنشاء القبول بلفظ «قبلت» ويلزم تأخيره حينئذ عن الإيجاب ، لما تقدم في البيع.
وأمّا القسم الثالث ـ وهو عدم تكفل القبول للالتزام بنقل شيء إلى الموجب ، وإنّما هو مجرّد الرضا بالإيجاب ـ فإن أنشئ بما لا يتضمن المطاوعة جاز تقديمه على الإيجاب ، كإنشاء قبول الهبة والقرض بلفظ «ملكت» فإنّه يدلّ على الرضا بتمليك الواهب والمقرض ، ولا يفهم منه الانفعال بالإيجاب والمطاوعة له ، فلا مانع من تقديمه.
وكذا الحال في الصلح على إسقاط حقّ أو إسقاط دين ، كما إذا كان زيد مديونا لعمرو بدينار فصالحه عمرو على إبراء ذمته ، فلا مانع من سبق قبول زيد على إيجاب عمرو ، لأنّ قبوله محض الرضا بالإيجاب.
وإن أنشئ بما يدلّ على المطاوعة لزم تأخيره عن الإيجاب ، كما في إنشاء قبول الرّهن والهبة والقرض بلفظ «ارتهنت ، اتهبت ، اقترضت» فإنّ قبول هذه العقود وإن لم يدل على الالتزام بنقل شيء إلى الموجب ، بل هو مجرّد الرّضا بالإيجاب ، لكن يمتنع تقديمه من جهة ظهور الهيئة في الانفعال بالإيجاب والمطاوعة له ، فلا بد من سبق فعل من الموجب حتى يصح الانفعال به.
هذا توضيح القسم الثالث من ألفاظ القبول. وقد ظهر به القسم الرابع أيضا ، لأنّ القبول في عقد واحد كالهبة يختلف حكمه من حيث جواز تقديمه إن لم يدل على