مأخوذة من اعتبار الاتّصال بين المستثنى والمستثنى منه (١). وقال بعض العامة (٢):
______________________________________________________
والقبول هي تبعية القبول له كتبعية المستثنى للمستثنى منه ، فكأنّ ملاك الاتصال في الاستثناء ـ وهو التبعية ـ جار في جميع التوابع ، فتعدّوا من باب الاستثناء إلى كلّ ما لوحظ فيه التبعية ، وترتّب عليها الآثار الشرعية. وجعلوا العقد من الموارد الملحوظ فيها التبعية ، حيث إنّ القبول تابع للإيجاب ، فيعتبر الاتّصال والموالاة بين الإيجاب والقبول كاعتبارهما بين المستثنى والمستثنى منه.
والحاصل : أنّ تبعية المستثنى للمستثنى منه وشدّة ارتباطه به لمّا كانت في غاية الوضوح ـ بحيث كان الاستثناء من النفي إثباتا ومن الإثبات نفيا ، وكان موجبا لقلب المستثنى منه من المدح إلى الذم ، ومن الصدق إلى الكذب ، ومن الإيمان الى الكفر ، ومن الإقرار إلى الإنكار ، وبالعكس ـ كان اعتبار الموالاة بينهما في غاية الوضوح ، وجعل مأخذا وأصلا لاعتبار الموالاة في سائر الأمور المتّصلة كالعقود.
(١) فلو أقرّ بقوله : «لزيد عليّ خمسون دينارا» وبعد ساعة قال : «إلّا خمس دنانير» لم يسمع منه هذا الاستثناء حتى يكون إقراره بخمس وأربعين ، بل يحمّلونه الخمسين ، ويجعلون استثناء الخمس إنكارا لإقراره بالخمسين ، ومن المعلوم عدم العبرة بالإنكار بعد الإقرار. وهذا بخلاف ما لو اتّصل المستثنى بالمستثنى منه ، فإنّه يقبل منه الاعتراف بخمس وأربعين.
وعليه فسماع الاستثناء عند الاتّصال بالمستثنى منه ـ وعدم سماعه عند الفصل الماحي لوحدة الكلام ـ دليل قطعي على اعتبار الوحدة بين أجزاء الكلام الواحد ، وكذا بين أجزاء كل مركّب اعتباري.
(٢) في الفقه على المذاهب الأربعة في شروط عقد النكاح : «واشترط الشافعية والمالكية الفور ، واغتفروا الفاصل اليسير الذي لا يقطع الفور عرفا» (١).
__________________
(١) : الفقه على المذاهب الأربعة ، ج ٤ ، ص ٢٤