قال : «الخامس من الشروط : الجزم ، فلو علّق العقد على شرط لم يصحّ وإن كان الشرط المشيّة ، للجهل بثبوتها حال العقد ، وبقائها (١) مدّته. وهو أحد قولي الشافعي ، وأظهرهما عندهم الصّحة ، لأنّ هذه صفة يقتضيها إطلاق العقد ، لأنّه لو لم يشأ لم يشتر» (١) انتهى كلامه.
وتبعه على ذلك الشهيد رحمهالله في قواعده (٢) ، قال : «لأنّ الانتقال بحكم الرّضا (٣) ، ولا رضا إلّا مع الجزم ، والجزم ينافي التعليق» (٢) انتهى.
______________________________________________________
التعليق للجزم كان ظاهرا في مانعية التعليق ، لا في شرطية التنجيز. وهذا بخلاف ما لو كان التنجيز شرطا ، فإنّ بطلان العقد بالتعليق يستند إلى فقد الشرط ، لا إلى وجود المانع ، ومن المعلوم تقدّم رتبة الشرط على عدم المانع.
وعليه فيظهر من عبارة التذكرة أمران :
أحدهما : كون التنجيز ـ المعبّر عنه بالجزم ـ هو الشرط ، لا كون التعليق مانعا.
والآخر : كون اعتبار التنجيز على طبق القاعدة ، وأنّه ليس من باب التعبد.
(١) أي : بقاء المشيّة مدّة العقد في ما لو علم ثبوتها قبل العقد ، وجهل بقاءها حال العقد.
(٢) ذكره الشهيد في قاعدة عنونها بقوله : «التكاليف الشرعية بالنسبة إلى قبول الشرط والتعليق أربعة أقسام» إلى أن قال : «الثالث : ما يقبل الشرط دون التعليق على الشرط ، كالبيع والصلح والإجارة والرّهن ، لأن الانتقال .. إلخ».
(٣) توضيحه : أنّ الانتقال وترتّب الأثر على العقد إنّما هو لأجل الرّضا فعلا بالانتقال ، ولا رضا بالانتقال مع التعليق ، لأنّه رضا تقديري لا فعلي ، ولا يحرز الرّضا الفعليّ ـ الذي أنيط به نفوذ المعاملة ـ إلّا بالجزم بالإنشاء.
وبالجملة : لا يحرز الرّضا الفعلي ـ المحكوم بالعدم بالأصل ـ إلّا بالجزم ، فالتعليق ينافيه.
__________________
(١) : تذكرة الفقهاء ، ج ١ ، ص ٤٦٢
(٢) القواعد والفوائد ، ج ١ ، ص ٦٥ ، رقم القاعدة : ٣٥