نحو : «ملك العرب ، والعجم» ، ولأنّ الزيادة في البناء تدلّ على الزيادة في المعنى ، كما تقدم في «الرحمن» ، ولأنّ ثواب تاليها أكثر من ثواب تالي «ملك».
ومما رجّحت به قراءة «ملك» ما حكاه الفارسيّ (١) ، عن ابن السّرّاج (٢) ، عن بعضهم: أنه وصف [نفسه](٣) بأنه مالك كلّ شيء ، بقوله : (رَبِّ الْعالَمِينَ) ، فلا فائدة في قراءة من قرأ «مالك» ؛ لأنها تكرار.
قال أبو عليّ : ولا حجّة فيه ؛ لأنّ في التّنزيل مثله كثير ، يذكر العامّ ، ثمّ الخاصّ ؛ نحو : (هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ) [الحشر : ٢٤].
وقال أبو حاتم (٤) : «مالك» أبلغ في مدح الخالق ، و «ملك» أبلغ في مدح المخلوق ، والفرق بينهما : أنّ المالك من المخلوقين قد يكون غير ملك ، وإذا كان الله ـ تعالى ـ ملكا كان مالكا [أيضا](٥) واختاره ابن العربيّ.
ومنها : أنّها أعمّ إذ تضاف للمملوك وغير المملوك ، بخلاف «مالك» ، فإنه لا يضاف إلّا للمملوك كما تقدم ، ولإشعاره بالكثرة ، ولأنه تمدّح تعالى ـ بقوله تعالى ـ (مالِكَ الْمُلْكِ) ، وبقوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) [آل عمران : ٢٦] ، وملك مأخوذ منه [كما تقدّم ، ولم يتمدح ب (مالِكَ الْمُلْكِ) بكسر الميم الذي «مالك» مأخوذ منه](٦).
وقال قوم : «معناهما واحد ؛ مثل : فرهين وفارهين ، وحذرين وحاذرين».
ويقال : الملك والمالك : هو القادر على اختراع الأعيان من العدم إلى الوجود ، ولا يقدر عليه
__________________
(١) الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي الأصل ، أبو علي : أحد الأئمة في علم العربية. ولد في فسا (من أعمال فارس). ودخل بغداد سنة ٣٠٧ ه ، وتجوّل في كثير من البلدان ، وفد حلب سنة ٣٤١ ه ، فأقام مدة عند سيف الدولة. وعاد إلى فارس ، فصحب عضد الدولة ابن بويه ، وتقدّم عنده ، فعلمه النحو ، وصنّف له كتاب «الإيضاح» في قواعد العربية. ولد سنة ٢٨٨ ه وتوفي سنة ٣٧٧ ه.
انظر وفيات الأعيان : ١ / ١٣١ ، نزهة الألبا : ٣٨٧ ، الأعلام : ٢ / ١٧٩.
(٢) محمد بن السري بن سهل ، أبو بكر ، أحد أئمة الأدب والعربية ، من أهل بغداد ويقال : ما زال النحو مجنونا حتى عقله ابن السراج بأصوله ، كان عارفا بالموسيقى من كتبه الأصول ، الشعر والشعراء ، الخط والهجاء ، العروض وغيرها توفي شابا في ٣١٦ ه.
ينظر بغية الوعاة : ٤٤ ، الوفيات : ١ / ٥٠٣ ، طبقات النحويين واللغويين : ١٢٢ ، الوافي : ٣ / ٨٦ ، نزهة الألبا : ٣١٣ ، الأعلام : ٦ / ١٣٦.
(٣) سقط في أ.
(٤) سهل بن محمد بن عثمان بن القاسم أبو حاتم السجستاني صاحب إعراب القرآن وغير ذلك ، توفي سنة خمسين ـ أو خمس وخمسين ـ أو أربع وخمسين أو ثمان وأربعين ومائتين ، وقد قارب التسعين. ينظر البغية : ١ / ٦٠٦ ـ ٦٠٧.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في أ.