واعلم أن «كلّ» من ألفاظ العموم (١) ، وهو اسم جمع لازم للإضافة ، وقد يحذف ما يضاف إليه ، وهل تنوينه حينئذ تنوين عوض ، أو تنوين صرف؟ قولان :
والمضاف إليه «كل» إن كان معرفة وحذف ، بقيت على تعريفها ، فلهذا انتصب (٢) عنها الحال ، ولا يدخلها الألف واللام ، وإن وقع ذلك في عبارة بعضهم ، وربما انتصب حالا ، وأصلها أن تستعمل توكيدا ك «أجمع» ، والأحسن استعمالها مبتدأ ، وليس كونها مفعولا بها مقصورا على السماع ، ولا مختصّا بالشعر ، خلافا لزاعم ذلك.
وإذا أضيفت إلى نكرة أو معرفة بلام الجنس حسن أن تلي العواملة اللفظية ، وإذا أضيفت إلى نكرة تعين اعتبار تلك النكرة فيما لها من ضمير وغيره ، تقول : «كل رجال أتوك ، فأكرمهم» ، ولا يجوز أن تراعي لفظ «كل» فتقول : «كلّ رجال أتاك ، فأكرمه» ، و «كلّ رجل أتاك ، فأكرمه» ولا تقول «كلّ رجل أتوك ، فأكرمهم» ؛ اعتبارا بالمعنى ، فأما قوله : [الكامل]
٢٦٤ ـ جادت عليه كلّ عين ثرّة |
|
فتركن كلّ حديقة كالدّرهم (٣) |
فراعى المعنى ، فهو شاذّ لا يقاس عليه.
وإذا أضيفت إلى معرفة فوجهان ، سواء كانت بالإضافة لفظا ؛ نحو : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) [مريم : ٩٥] فراعى لفظ «كل».
أو معنى نحو : (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ) [العنكبوت : ٤٠] فراعى لفظها ، وقال : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) [النمل : ٨٧] فراعى المعنى.
وقول بعضهم : «إن «كلما» تفيد التكرار» ليس ذلك من وضعها ، وإنما استفيد من العموم التي دلّت عليه.
فإنك إذا قلت : «كلما جئتني أكرمتك» كان المعنى أكرمك (٤) في كل فرد [فرد](٥) من جيئاتك إليّ.
__________________
(١) (كلا) ، (كلتا) والخبر عنها يكون مفردا ، ومن خصائصها : أنها لا تعرب إلا إذا أضيفت إلى مضمر ، بخلاف «كل» فإنها تعرب مطلقا.
(٢) في أ : ينتصب.
(٣) البيت لعنترة. ينظر ديوانه : ص ١٩٦ ، وجمهرة اللغة : ص ٨٢ ، ٤٩٧ ، ولسان العرب (ثرر) ، (حرر) ، (حدق) ؛ ومغني اللبيب : ١ / ١٩٨ ، والمقاصد النحوية : ٣ / ٣٨٠ ، والدرر : ٥ / ١٣٦ ، وشرح شواهد المغني : ١ / ٤٨٠ ، ٢ / ٥٤١ ، وسر صناعة الإعراب : ١ / ١٨١ ، جمهرة اللغة : ص ٤٢٥ ، وشرح الأشموني : ٢ / ٣١٠ ، وهمع الهوامع : ٢ / ٧٤ ، وشرح التبريزي على المعلقات : (٣٣١) ، والدر المصون : (١ / ١٤٢).
(٤) في أ : أكرمتك.
(٥) سقط في أ.